الحكومة وهدم الكرامة قبل هدم البيوت

الحكومة وهدم الكرامة قبل هدم البيوت

إبانة24: متابعة

الحكومة وهدم الكرامة قبل هدم البيوت

في وضع اجتماعي يزداد تعقيدًا وتداخلًا بين السياسات والاقتصاد والمجتمع، تبرز مسألة احترام كرامة الإنسان وقيمته الإنسانية كواحدة من أهم القضايا التي يجب أن تحظى بالاهتمام في المغرب، ومع ذلك، نجد أن هناك ممارسات وسياسات قد تُعتبر بمثابة استحقار للإنسان، حيث يتم الحط من قدره وتجاهل حقوقه الأساسية، وفي سياق الحديث عن المغرب، يمكننا ربط هذه الظاهرة بما تقوم به بعض السلطات المحلية من عمليات هدم لبيوت المواطنين دون توفير بدائل آمنة أو حلول مستدامة، مما يؤدي إلى تعريضهم للعيش في الشوارع وأوضاع إنسانية صعبة.

وإذا كان الاستحقار هو عملية تهدف إلى الحط من قيمة الإنسان وجعله يبدو أقل أهمية أو غير مستحق للرعاية أو الاحترام، يمكن أن يظهر هذا الاستحقار في أشكال متعددة، سواء كانت خطابية (مثل استخدام كلمات تنمّ عن الاحتقار أو التقليل من شأن الآخرين) أو عملية (مثل سياسات أو قرارات تؤدي إلى حرمان الناس من حقوقهم الأساسية).

في حالة المغرب، يمكن اعتبار عمليات هدم البيوت دون توفير بديل مناسب واحدة من أبرز الأمثلة على هذا النوع من الاستحقار، فعندما يتم هدم منزل شخص ما، فإن ذلك ليس مجرد خسارة مادية، بل هو أيضًا هدم مباشر لكرامته وقيمة وجوده في المجتمع، البيت ليس مجرد بناء، بل هو مأوى وأمان واستقرار نفسي واجتماعي، إذن، عندما يتم هدمه دون أي اعتبار لظروف أصحابه، فإن ذلك يعكس موقفًا لا يحترم الإنسان ولا يعترف بحقوقه.

في السنوات الأخيرة، شهدت العديد من المدن المغربية عمليات هدم لمنازل مواطنين تحت ذريعة “التخطيط العمراني” أو “مكافحة السكن غير القانوني”، وعلى الرغم من وجاهة هذه الأسباب في بعض الحالات، إلا أن التنفيذ غالباً ما يكون عشوائيًا وغير مدروس، مما يؤدي إلى نتائج كارثية على حياة المواطنين.

  1. غياب الحلول البديلة: كثيراً ما يتم هدم المنازل دون تقديم حلول بديلة للمواطنين المتضررين. هذا يعني أن العائلات تجد نفسها فجأة بلا مأوى، مضطرة للعيش في الشوارع أو اللجوء إلى أقارب أو أصدقاء، مما يزيد من معاناتهم النفسية والاجتماعية.
  2. التعامل الأمني فقط: غالبًا ما يتم التعامل مع قضية السكن غير القانوني بطريقة أمنية بحتة، حيث يتم التركيز على الهدم والتفكيك دون النظر إلى الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، مثل الفقر، البطالة، ونقص الإسكان الاجتماعي.
  3. تجاهل الحقوق الإنسانية: في كثير من الحالات، يتم تنفيذ عمليات الهدم بشكل عشوائي وبسرعة كبيرة، مما يمنع المواطنين من الحصول على الوقت الكافي لإيجاد حلول أو الدفاع عن حقوقهم، هذا النهج يعكس عدم احترام للقوانين الدينية والإنسانية وكذلك الدولية التي تدعو إلى حماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في السكن الكريم.
تأثيرات نفسية واجتماعية

النتائج السلبية لهدم البيوت دون توفير بدائل تتجاوز الجانب المادي لتؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد والعائلات:

  • الإحساس بالإهانة والاستحقار: عندما يجد الشخص نفسه فجأة بلا مأوى بسبب قرار حكومي، فإنه يشعر بأنه غير مهم وغير مرئي في نظر السلطات. هذا الشعور يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس والإحساس بالعجز.
  • تفكك الأسرة: العيش في الشارع أو اللجوء إلى أماكن مؤقتة قد يؤدي إلى تفكك الأسرة، خاصة إذا كان الأطفال جزءا من هذه العائلات، التعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأساسية تصبح بعيدة المنال.
  • زيادة الفقر والحرمان: بدون مأوى دائم، يصبح من الصعب على الأفراد البحث عن عمل أو تحسين حياتهم المعيشية، مما يؤدي إلى دورة مستمرة من الفقر والحرمان.
بعض الحلولالمقترحة

لمعالجة هذه المشكلة، يجب على الحكومة المغربية اتخاذ خطوات جادة لضمان احترام حقوق الإنسان وتحسين جودة الحياة للمواطنين، ومن بين هذه الحلول:

  1. وضع استراتيجيات شاملة للتخطيط العمراني: يجب أن تكون السياسات المتعلقة بالسكن قائمة على دراسات دقيقة تأخذ في الاعتبار احتياجات المواطنين وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.
  2. تقديم حلول بديلة قبل الهدم: قبل تنفيذ أي عملية هدم، يجب على السلطات تقديم حلول بديلة تضمن للمواطنين حقهم في السكن الكريم، لا لسياسة “دبر الراسك”.
  3. تعزيز الحوار والتواصل: يجب أن يكون هناك تواصل مباشر بين السلطات المحلية والمواطنين المتضررين لمناقشة المشاكل وإيجاد حلول مشتركة، في جدول زمني مريح.
  4. التركيز على التنمية المستدامة: بدلاً من التركيز فقط على الهدم، يجب أن تعمل الحكومة على بناء مشاريع سكن لهؤلاء المواطنين تساهم في تحسين مستوى معيشتهم.

إن المواطن المغربي كإنسان ليس مجرد رقم أو أداة لتحقيق أهداف اقتصادية أو عمرانية، إنه كائن له حقوق وكرامة يجب احترامها في جميع الأحوال، عندما تقوم الحكومة بأعمال مثل هدم البيوت دون توفير بدائل، فإنها لا تفعل سوى الحط من قيمة الإنسان وجعله يشعر بعدم الأهمية، لذلك، يجب أن يكون هناك تغيير جذري في النهج الحكومي ليصبح أكثر انسانية واحترامًا لكرامة المواطن المغربي المقهور.

اقرأ أيضا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top