إبانة24: متابعة
الديربي البيضاوي بين شغف الجماهير وتحديات الشغب الرياضي
في كل موسم رياضي، ينتظر عشاق كرة القدم في الدار البيضاء موعد الديربي البيضاوي بشغف كبير، حيث يلتقي الغريمان التقليديان، الرجاء والوداد الرياضي، في مواجهة تحمل طابعًا خاصًا داخل المستطيل الأخضر وخارجه. يترقب الشارع المغربي هذا الحدث بحماس، ويتحول الحديث طيلة الأسبوع إلى التفاصيل الدقيقة للمباراة، بدءًا من جاهزية اللاعبين وصولاً إلى تعيين الحكام. في يوم اللقاء، تغص مدرجات ملعب محمد الخامس بالجماهير منذ الساعات الأولى، في أجواء احتفالية تتميز بالشعارات الراقية والهتافات الحماسية، ما جعل الديربي البيضاوي من بين أقوى مباريات القمة عالميًا بفضل الحضور الجماهيري الكبير والإثارة التي ترافقه.
رغم أهمية الديربي، كانت الجماهير سابقًا تغادر الملعب بأجواء مفعمة بالفرح دون أي أحداث شغب. لكن في السنوات الأخيرة، عرفت بعض المباريات دخول فئات مشاغبة إلى الملاعب، مما أثر سلبًا على الصورة التاريخية للكرة المغربية. فقد سجلت أحداث عنف وتخريب للممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى إصابات بين الجماهير وحتى رجال الأمن.
استراتيجيات وطنية متعددة الأبعاد
لمواجهة هذه الظاهرة، بذلت السلطات المغربية جهودًا كبيرة عبر وضع استراتيجيات وطنية متعددة الأبعاد، شملت حملات إعلامية توعوية، إجراءات أمنية استباقية، وسن قوانين رادعة مثل القانون رقم 09.09، الذي يجرم السلوكيات التخريبية في الملاعب الرياضية. كما صدر مرسوم حكومي تحت رقم 155.23.2 لتشكيل لجان محلية مكلفة بمكافحة العنف في الملاعب. وتعمل هذه اللجان على تحسين نظام التذاكر، تعزيز الأمن داخل الملاعب، وإعداد تقارير دورية حول سير المباريات.
رغم هذه الجهود، ما زالت بعض مباريات الديربي تُجرى بدون جمهور أو في مدن أخرى لدواعٍ أمنية، ما ينعكس سلبًا على الأجواء الرياضية. ورغم أن الجمهور المغربي معروف بشغفه ودعمه للكرة الوطنية، إلا أن وجود فئات مشاغبة شوهت صورة الملاعب وأثرت على سمعة المغرب الرياضية، خاصة وأنه بات محط أنظار العالم بعد فوزه بتنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 في ملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال.
لتجاوز هذه التحديات، يحتاج المغرب إلى تضافر الجهود بين مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، من إعلام ومدارس وأسرة، لتربية الأجيال القادمة على احترام الرياضة والمواطنة. كما أن الجماهير الرياضية تستحق حضور المباريات وتشجيع أنديتها دون قيود، خاصة وأن غياب الجمهور يؤثر سلبًا على أداء اللاعبين، ويضعف المنافسة والإثارة التي تميز مباريات القمة مثل الديربي البيضاوي.
معًا، يمكننا القضاء على ظاهرة الشغب وإعادة الديربي البيضاوي إلى ألقه، كرمز للإثارة الرياضية وروح التحدي.