الزراعات المربحة بالمغرب تستنزف الموارد وتهدد الأمن الغذائي!

الزراعات المربحة بالمغرب تستنزف الموارد وتهدد الأمن الغذائي!

إبانة24: متابعة

الزراعات المربحة بالمغرب تستنزف الموارد وتهدد الأمن الغذائي!

كشف تقرير حديث حول أزمة المياه في المغرب عن تأثير السياسات الزراعية الحالية على الأمن الغذائي، مشيراً إلى تفضيل زراعات مربحة لكنها مستنزفة للموارد المائية، مثل الفواكه الحمراء والأفوكادو، على حساب محاصيل استراتيجية كالقمح، والتي تعد أساسية لتحقيق الاكتفاء الغذائي.

وأكد التقرير على ضرورة تبني سياسات ري جديدة تعيد ترتيب الأولويات، بهدف تحقيق توازن بين الأمنين الغذائي والمائي لصالح المواطن المغربي.

ووفقاً لما أورده المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، فإن غياب العدالة في توزيع الموارد المائية يتفاقم في ظل موجات الجفاف المستمرة، حيث يُمنح تصدير المنتجات الزراعية ذات الاستهلاك المائي المرتفع أولوية على حساب صغار الفلاحين. واعتبر التقرير أن هذا النهج يكرّس عدم التوازن في إدارة المياه، مما يفاقم أزمة ندرة الموارد، ويؤثر بشكل خاص على الفئات الهشة.

وأشار التقرير إلى أن الشروط المحددة للحصول على أراضي الدولة الزراعية تشجع على الاستثمار في زراعات كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل الأفوكادو والحوامض، والتي تستهلك أكثر من 10 آلاف متر مكعب للهكتار سنوياً، بينما تظل الزراعات الأقل استهلاكاً للمياه، كالحبوب، خارج نطاق الدعم والأولوية.

وأوضح المركز أن المغرب ورث عن الاستعمار الفرنسي نمطاً زراعياً قائماً على المحاصيل ذات الحاجة المائية العالية، مثل القصب السكري والحمضيات، غير أن هذه السياسات استمرت بعد الاستقلال، حيث ركزت على تصدير المنتجات الفلاحية المستنزفة للمياه، مع تهميش الزراعات الحبوبية التي تشكل ركيزة الأمن الغذائي.

وأضاف التقرير أن الأراضي التي كانت مخصصة سابقاً للحبوب والبقوليات، تم تحويلها تدريجياً إلى القطاع الخاص ضمن مخطط المغرب الأخضر، مما أدى إلى استبدالها بزراعات موجهة للتصدير، خصوصاً الحمضيات، دون مراعاة الاحتياجات المائية لهذه المساحات أو الموارد المتاحة.

كما كشف التقرير أن مخطط المغرب الأخضر منح مستثمرين امتيازات كبيرة، من ضمنها تراخيص عشوائية لحفر آبار بعمق غير مسبوق، وصلت إلى 1000 متر في مناطق تعاني أصلاً من الجفاف، مثل الكردان وسهل سايس، ما أدى إلى استنزاف خطير للمياه الجوفية لصالح إنتاج محاصيل موجهة للأسواق الخارجية، بدلاً من دعم الزراعات الضرورية للأمن الغذائي المحلي.

أما فيما يخص مشاريع تحلية المياه، فقد حذر التقرير من التداعيات البيئية المحتملة لهذا التوجه، لا سيما في منطقة اشتوكة أيت باها، حيث يؤدي التخلص العشوائي من المخلفات المالحة إلى تملح التربة وتحويلها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة، فضلاً عن تهديد الحياة البحرية بانقراض بعض الأنواع أو هروبها من السواحل.

وفي الوقت الذي تُركز فيه السلطات على حلول تقنية وإدارية لمعالجة أزمة المياه في المدن الكبرى، أشار التقرير إلى غياب نقاشات شاملة مع المواطنين حول هذه الخيارات، مما يعكس استمرار تبني نماذج إنتاجية تسببت في الأزمة الحالية، بدلاً من البحث عن حلول مستدامة ومتوازنة تلبي الاحتياجات الفعلية للمجتمع.

ولتجاوز هذه التحديات، قدم المركز مجموعة من التوصيات، من بينها تعزيز استخدام التقنيات الرقمية في إدارة المياه عبر تعميم العدادات الذكية في المنازل والمصانع، مع توفير تنبيهات فورية حول الاستهلاك المفرط عبر تطبيقات الهواتف الذكية.

كما دعا إلى إنشاء مركز وطني يعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد الأزمات المائية ووضع خطط استباقية لمواجهتها، إلى جانب توظيف الذكاء الاصطناعي في توزيع المياه بشكل عادل خلال فترات الجفاف، وفقاً للحاجيات الحقيقية لكل قطاع.

وضمن توصياته، شدد التقرير على ضرورة حماية المخزون المائي من الاستنزاف، عبر إطلاق نظام رقمي لمراقبة الآبار غير المرخصة باستخدام حساسات ذكية، مع فرض غرامات على الصناعات الكبرى التي تستهلك كميات مفرطة من المياه، إلى جانب تحديد سقف إلزامي للاستهلاك المائي لكل قطاع، بما يضمن إدارة رشيدة ومستدامة لهذا المورد الحيوي.

اقرأ أيضا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top