العلماء وقضايا الشأن العام

إبانة24: متابعة

العلماء وقضايا الشأن العام

من الأمور المسلمة عند من يؤمن بالله واليوم الآخر، وبنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم أن شريعة الإسلام شريعة كاملة لا نقصان فيها،

وذلك باستكمالها لكل ما من شأنه أن تحتاجه البشرية من قواعد ومبادئ ونظريات عامة،

حتى لا تكون الحياة الإنسانية والشأن العام في حاجة لشيء مفقود، وحتى لا تكون معذرة لأحد يوم العقاب والحساب،

قال تعالى: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”.

فالإسلام دين يخالط الحياة والشأن العام، ويستوعب قضايا الإنسانية واهتمامات البشر،

وينظر إليها بمنظار موافق لرؤية إسلامية للكون والإنسان، لا كما يريد العلمانيون الفردانيون الذين يألهون الفرد ويقدسونه.

وبما أن الأيام مليئة بالأحداث والتغيرات والمستجدات والنوازل، لما تعرفه علاقة الإنسان بأخيه الإنسان وبالكون وبالحياة،

من تطور ملازم لتطور عمارة الإنسان للأرض، كظهور الآلات الخارقة، والهواتف الذكية، والنقل الحي،

والإنترنت، والعولمة، وأمور أخرى تجعل من قضايا الشأن العام تتنوع وتعدد، وتتسارع.

وعليه سيكون لزاما على العلماء مسايرة ظهور قضايا ومسائل جديدة بين الحين والآخر، لم تكن موجودة من قبل،

وهذا يستدعي من العلماء إبداء رأي الشرع والحكم عليه بعد دراسة الواقع على أسس منهجية

وعلمية سليمة تراعي الكليات والأصول والقواعد الإسلامية، هذا من جهة،

ومن جهة أخرى حتى لا يتركوا فراغا للمتربصين من العلمانيين الذين يكيدون لأفراد المجتمع ليل نهار.

فعلى العلماء معالجة الشأن العام بروح الفقهاء القدماء المتمكنين، وحنكة تستنير بمعرفة الحاضر

وهمومه ومستجداته وتفاصيل الحياة في ظل هذا التسارع الحضاري الهائل، ولا يهملوا ممازجة هذه المعالجة بالجانب الأخلاقي، تخلية وتحلية.

وقد ظل علماؤنا رحمهم الله يواجهون قضايا الشأن العام بالدستور الإسلامي فما كان مشابها للمسائل

التي نص عليها الشارع فحكمها جلي واضح، لكن الوقائع الجديدة وهي لا تنحصر ما دامت السماوات والأرض،

يقابلونها بالاجتهاد للتوصل إلى أحكام تناسبها مستندين في ذلك على نصوص شرعية معروفة،

وبذلك تم ضبط قطاعات عديدة من قطاعات الحياة، منها ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي وعمراني،

كقضايا البيوع والشركات والصرف والبنوك التشاركية، وأحكام المغارسة، والماء، وأحكام البناء

ورفع الضرر عن الجيران وتوسع الطرق وغيرها من القضايا التي ناقشها الفقهاء ولها علاقة وطيدة بالشأن العام، وتوصلوا فيها لأحكام بالاجتهاد.

الوقائع في الوجود لا تنحصر

يقول الإمام الشاطبي في موافقاته: “إن الوقائع في الوجود لا تنحصر فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة،

ولذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره”، وهنا على العلماء مواكبة كل المستجدات،

والاهتمامات الجيل الجديد، والإجابة عن تساؤلاته حتى لا يكون ضحية للفراغ،

وحتى لا يتركوا مساحة فارغة من الشأن العام ومنطقة رمادية ينشط فيها خفافيش الظلام من العلمانيين

والملاحدة وغير ذلك من النحل التي تستغل الفراغات أحسن استغلال لما أوتيت من إمكانيات ودعم خارجي سخي.

فتصدي علماء الأمة للشأن العام يبرهن على صدق رسالة الإسلام، وخلود مبادئه وصلاحيته للنهوض بالأمة

إلى مكانتها الحقيقية من القيادة والريادة في الحياة، وتكريسا لحقيقة الفقه الإسلامي وغناه بما ينفع البشرية جمعاء،

بخلاف التشريعات الوضعية البشرية التي تفصل على مقاس الفئة الغالبة ولا تخدم الفئات المستضعفة،

فالفقه الإسلامي بعلمائه المتمكنين له قدرة كبيرة في مواجهة الإشكالات الواقعية،

والميدانية، التي تنتجها حياة الناس اليومية، ولن يقف عاجزا ولا جامدا عن مواجهة هذه التطورات ومشاكلها،

وهذه هي قوة الإسلام التي ترعب أعداءه.

اقرأ أيضا:

قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا

اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات

المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟

السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس

دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية

حكم غير متوقع في حق مستشار وزير العدل السابق

المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟

تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق

محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top