إبانة24: رأي
المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟
شهدت الهيئة التي كلفها الملك بمراجعة مدونة الأسرة، احتقانا حادا على غير المتوقع، وبخلاف ما كان في لجنة 2004،
فلم يتصور المتتبعون لهذه القضية أن يشتعل الجدال بين مكونات الهيئة، حيث كانت تشير توقعاتهم إلى انحصاره بين الإسلاميين والعلمانيين،
في المجال السياسي، لكن الواقع أبطل التصورات والتكهنات، فما الذي حدث؟ وأغضب علماء المغرب،
حيث خرج عضو المجلس العلمي الأعلى، إدريس خليفة معلنا عن موقف حازم وصادم،
بين فيه أن مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان مخالفة للشريعة.
الغضب
هذا الغضب كان ظاهرا للعيان على وجه محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، عن مشاركته في عملية تسليم التقرير لرئيس الحكومة عزيز أخنوش،
حيث أظهرت سيميائية الصورة التي اختار فيها يسف الوقوف إلى أقصى يمين رئيس الحكومة،
في حين وقفت بوعياش في أقصى اليسار، كما وثقت الصور المتداولة لأعضاء الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة،
أن الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى بقي صامتا وارتسمت على وجهه ملامح صارمة،
وهو ما ينسحب أيضا على رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوعياش.
التباعد
هذا التباعد الذي أظهرته الصور، يؤكد ما صرح به العلامة إدريس خليفة، العميد السابق لكلية أصول الدين بتطوان،
أن الوثيقة “مخالفة لأحكام الشريعة وللنصوص القطعية”، وتسجيل عضو المؤسسة العلمية الدستورية الرسمية
محاولة من لدن بوعياش لفرض مذكرة تعديل المدونة دون موافقة المجلس العلمي الأعلى،
ليتطور الأمر إلى أخذ موقف واضح، يسجل للعلماء، وإعلان الرفض لما أرادت بوعياش تمريره عنوة دون أخد المصادقة العلمية الشرعية.
الإقصاء
هذا الإقصاء للعلماء الذين أشركهم ملك البلاد كضامن، لما صرح به بوضوح في خطاب العرش 23:
” وبصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله،
ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”، ليس ما وقع داخل الهيئة مظهرا فريدا له،
بل تحاول الأقلية العلمانية محاصرة صوت الشرع والدين وكتمه، في الوقت الذي يصولون ويجولون في المحطات التلفزية والإذاعية الرسمية وغير الرسيمة.
مصطفى بنحمزة
وصرح العلامة مصطفى بنحمزة معبرا عن هذا الإقصاء المتعمد للعلماء، حيث أكد تعمد اقصاء العلماء من المشاركة والمساهمة في النقاش حول مدونة الأسرة في القنوات الرسمية، واعتبر الأمر واضح للجميع ولا يحتاج أي إظهار.
كما تساءل العلامة بنحمزة، لماذا لم يحضر العلماء في القنوات العمومية لمناقشة موضوع مدونة الأسرة في وقت هناك من يستضاف أكثر من مرة؟ وأكد أنه من حق العلماء أن يكونوا حاضرين في كل نقاش، في إشارة واضحة إلى أن صوتهم غيب من ساحة النقاش حول المدونة بشكل ممنهج.
النسويات تكريس الإقصاء
هذا الإقصاء هو ما حاولت تكريسه إحدى النسويات في سؤال كتابي لوزير الأوقاف حول ما قالت عنه “استغلال منابر المساجد للتهديد والتحريض وتكريس خطاب التطرف ضد المغاربة”، وهي تريد حشر العلماء في الزاوية، ومنعهم من الإدلاء برأيهم، وحكم الشرع في تغيير النصوص القطعية، حيث قالت في سؤالها: “على إثر النقاش الدائر في أوساط المجتمع حول موضوع مدونة الأسرة والتعديلات المرتقبة برزت تصريحات صدامية وعدائية من محسوبين عن التيار الإسلامي، ضد الفعاليات الحقوقية والسياسية الداعية لرؤية حداثية ترسخ قيم المساواة”، وهي تجهل أن العلماء يناقشون انطلاقا من حقهم الدستوري في التعبير عن الرأي أولا، ثم لانتمائهم إلى مجلس دستوري ثانيا، وقبل هذا تكليفا من أمير المؤمنين كما سبق معنا قوله في خطاب العرش، فمن يعرف الحلال والحرام؟ ومن أولى بالحديث في مسائل العلم والشرع؟ لكن هؤلاء تجاسروا على رب العباد فما بالك بالموقعين عن رب العالمين؟
اقرأ أيضا:
محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)
قرار تاريخي وغير مسبوق من الفيفا
اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات
المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟
تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق