فوضى الأضاحي تشعل الأسعار في بوادي المغرب!
بمجرد إعلان السلطات عن قرار منع إقامة أسواق بيع الأغنام بعدد من المدن والمراكز القروية، برزت على السطح ظاهرة جديدة أعادت رسم معالم تجارة الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى، إذ تحولت “الكوريات” المنتشرة في المناطق القروية المحيطة بالمدن إلى أسواق بديلة تعرف حركية نشيطة وإقبالاً متزايداً من الراغبين في اقتناء الأضحية.
وفي غياب الأسواق المنظمة، وجد المواطنون أنفسهم مضطرين للتنقل نحو القرى والدواوير المجاورة، حيث يحتفظ المربون بما تبقى من ماشيتهم داخل “الكوريات” التي كانت طيلة العام مخصصة لتربية الأغنام، قبل أن تتحول إلى فضاءات لعرض الخرفان في أجواء عشوائية تستغلها بعض الأيادي الطامعة لرفع الأسعار بشكل لافت.
وما هي إلا ساعات من هذا التحول حتى شهدت أسعار “الحولي” ارتفاعاً مفاجئاً، لتصل إلى مستويات تقترب مما كانت عليه خلال الموسم الماضي، رغم أن الفترة لا تزال في بدايتها، ورغم غياب آليات السوق التي كانت تحقق نوعاً من التوازن بين العرض والطلب، وهو ما شكل صدمة للكثير من الأسر التي كانت تأمل في اقتناء الأضحية بأسعار منخفضة، لتفاجأ بواقع مختلف لا يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة، بل قد يتجاوزها في بعض الأحيان.
وخلال جولة ميدانية إلى إحدى القرى المحاذية لمدينة وزان، لوحظ توافد سيارات تقل مواطنين قادمين من المدينة نحو أحد “الكوريات” بحثاً عن خروف العيد. وهناك التقينا بأحد المربين الذي أوضح أن الإقبال بدأ مبكراً هذا العام بسبب إغلاق الأسواق وقلة الخيارات، قائلاً: “الناس ما لقاو فين يمشيو، كيجيو عندنا يقلبو على الثمن المناسب، ولكن حتى الكسابة مضغوطين، العلف غالي وكاين خصاص فالحولي”.
من جانبهم، عبّر عدد من الزبائن عن استيائهم من ظروف الشراء في هذه الفضاءات غير المنظمة، التي تفتقر إلى الرقابة والتقنين، خاصة مع غياب الترقيم على آذان الأغنام، وهو ما يجعل الثقة بين المشتري والمربي العامل الأساسي في إتمام البيع. كما تختلف الأسعار من “كوري” إلى آخر، ويغيب عنصر المقارنة الذي كان يوفره السوق الأسبوعي، ما يجعل المفاوضات مشحونة بالتوتر والشد والجذب.
ويرى مراقبون أن قرار منع الأسواق، رغم وجاهته من الناحية الصحية والبيطرية، لم يصاحبه بديل عملي ينظم عملية البيع، مما ساهم في إفراغ الفضاءات الرسمية وظهور نقط بيع عشوائية تفتقر لأبسط شروط المراقبة، وسط مخاوف من انتشار أمراض غير مرصودة قد تهدد سلامة القطيع الوطني.
وفي الوقت الذي تستمر فيه وفود المواطنين في التوجه نحو “كوريات البوادي” أملاً في الظفر بأضحية مناسبة، تواصل السلطات التزام الصمت، في انتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، بينما يبدو أن هذه “الكوريات” ستبقى الملاذ الوحيد والأكثر استقطاباً في ظل غياب حلول بديلة ملموسة.