قرار أممي يهز ملف الصحراء
في تطور يعكس تحوّلات استراتيجية بالغة الأهمية، أخبرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين موظفيها بمدينة العيون بإنهاء مهامهم مع نهاية شهر شتنبر المقبل. قرار يحمل في طياته رسائل تتجاوز الطابع الإداري، ويعكس تحولات جوهرية في تعاطي المنتظم الدولي مع قضية الصحراء المغربية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
ويشير هذا التحرك الأممي إلى تحول واضح في منهجية التعامل، بما يفيد بأن عهد “الحياد السلبي” يوشك على الانتهاء، وأن الواقع الميداني أصبح أقوى من الخطابات المتجاوزة التي عمرت لأكثر من أربعين سنة. فالعيون اليوم لم تعد مدينة على هامش نزاع مفتعل، بل باتت مركزًا حيويًا للأنشطة الاقتصادية والدبلوماسية، تحتضن قنصليات دول وازنة، وتبعث برسائل سيادية قوية وواضحة.
ويبدو أن هذا القرار الأممي يُترجم، وإن بشكل غير مباشر، الموقف المغربي الثابت الذي طالما شدد على أن وصف سكان العيون بـ”اللاجئين” لا يستند لأي أساس قانوني أو واقعي. فهم مواطنون مغاربة يعيشون في مدن مستقرة وآمنة، تنعم بتنمية مستمرة ورعاية مؤسسات الدولة، بعيدًا عن أي وضعية نزوح أو لجوء.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الوضع الذي يستحق فعليًا اهتمام المفوضية والمجتمع الدولي يوجد في مخيمات تندوف داخل التراب الجزائري، حيث يعاني الآلاف من ظروف احتجاز قاسية وانتهاك صارخ لحقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في التنقل والعودة، وهو حق جوهري في القانون الدولي للاجئين، ومع ذلك لا تزال بعض الجهات الدولية تتجاهل هذه الانتهاكات، خضوعًا لحسابات سياسية ضيقة.
الرسالة الضمنية لهذا القرار الأممي تتوجه مباشرة إلى جبهة البوليساريو وداعمتها الجزائر، ومفادها أن السرديات القديمة لم تعد تنطلي على العالم، وأن المجتمع الدولي بدأ يميز بوضوح بين القضايا الإنسانية الحقيقية وبين الشعارات السياسية المضلِّلة. بل وقد يكون لهذا القرار ما بعده، عبر تقليص محتمل لأدوار بعض الهيئات الأممية التي لم تثبت فاعلية حقيقية على الأرض.
ولا يخرج هذا التطور عن سياق التراجع العام الذي تشهده جبهة البوليساريو، سواء من حيث تآكل شرعيتها التمثيلية، أو تضاؤل الاعتراف الدولي بها، أو الانقسامات الداخلية التي تنهش صفوفها. ويتماهى هذا الانحسار مع الدينامية التي يقودها المغرب، والتي تركز على حل واقعي يتمثل في مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، المبادرة التي حصدت دعماً دولياً متنامياً.
ويبدو أن هذا القرار الأممي يُسدل الستار على مرحلة كانت فيها بعض المؤسسات الأممية تُستخدم لتكريس أوهام لم تعد قابلة للحياة. أما المغرب، فقد اختار المضي قدماً في ترسيخ موقعه الاستراتيجي بثقة في عدالة قضيته، مستنداً إلى منطق الواقع والجغرافيا، بعيدا عن ضجيج الشعارات الفارغة.
ومع نهاية شتنبر، لن تكون العيون فقط قد ودعت تمثيلاً أممياً عديم الأثر، بل ستكون قد فتحت أبواب مرحلة جديدة قوامها الوضوح، واحترام السيادة، والتأسيس لواقع يعكس التحولات الكبرى التي يشهدها ملف الصحراء على كافة المستويات.
اقرأ أيضا:
إبانة24: متابعة بلاغ جديد من رئاسة الحكومة من المقرر أن ينعقد، بعد غدٍ الخميس، مجلسٌ للحكومة…
إبانة24: متابعة بعد احتجاج جيل "زيد" .. استقالة تثير الجدل في البرلمان المغربي! في خطوة لافتة…
إبانة24: متابعة حملة تضليل جديدة تستهدف المغرب... والأمن يرد بالحقائق والأدلة نفت مصادر أمنية مغربية بشكل…
إبانة24: متابعة المغرب يستقبل الثلاثاء بأجواء متقلبة بين الحرارة والرياح والغبار تتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية…
إبانة24: متابعة ورزازات تستيقظ على هزة أرضية.. تفاصيل الهزة التي شعر بها السكان! شهدت مدينة ورزازات،…
إبانة24: متابعة وقف إطلاق النار والأسرى: حماس توضح الحقائق وتدعو الإعلام للدقة نفت حركة حماس، ما…