العري في الشوارع والشواطئ مسؤولية من؟!

اختيار 1

إبانة24: متابعة

العري في الشوارع والشواطئ مسؤولية من؟!

إذا بحثنا عن من يتحمل المسؤولية في ظاهرة العري خاصة، أو عن أي ظاهرة أخلاقية عموما، يرتكبها الإنسان،

هذا الإنسان الذي خلقه الله وكرمه عن باقي الخلائق، ورزقه الاستخلاف في الأرض، وجعله مسؤولا أمامه تعالى،

وأمام نفسه، وأمام باقي أفراد المجتمع، نجد أن الإنسان هو من ترتبط به المسؤولية الجزائية في الفقه الإسلامي، وحتى القانون الوضعي.

 فمن المسلمات أن الجمادات والكائنات الحية سوى الإنسان خارجة من نطاق المسؤولية الجزائية،

وذلك لأن الإنسان هو وحده من يملك الإرادة والقدرة التي تقف وراء الفعل، والتي تجعله عرضة للسؤال الدنيوي والأخروي.

فانتشار ظاهرة العري في الشوارع والشواطئ بالدرجة الأولى هي مسؤولية الإنسان كفرد،

لأن هذا العري يدخل في خانة الفعل الاختياري منبثق عن إرادة وقدرة، لا إكراه فيه ولا غصب،

وبذلك تبرز المسؤولية الفردية، أولا لثبوت الفعل الاختياري الصادر من الإنسان الفرد، لأن المكره لا يتحمل مسؤولية ما يفعل،

والثاني هو كونه مكلفا مخاطبا بالشرع وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالقدرة، فإذا انتفى التكليف لعارض كعدم البلوغ أو الجنون انتفت المسؤولية،

والثالث المدح على الفعل والذم على الترك، فأفعال البر ومكارم الأخلاق، واجتناب الموبقات من الأمور التي يمدح صاحبها ويثاب عليها،

أما فعل القبائح وتعدي الحدود الشرعية هي أفعال يذم صاحبها ويعاقب عليها، فبحسب الفعل وثبوت المسؤولية يكون الثواب والعقاب.

ربط القرآن الكريم بين المسؤولية والفعل الأخلاقي

وقد ربط القرآن الكريم بين المسؤولية والفعل الأخلاقي، والآيات كثيرة في هذا الباب، من ذلك قول الله تعالى:

{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}النساء:36.

فإن الله كرم الإنسان وجعله مسؤولا عن أفعاله، ومناط ذلك العقل قال عز وجل: {ولقد كرمنا بني آدم} [الإسراء:70]

وقال العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله: “فأما التكريم فهي مزية خص بها الله بني آدم من بين سائر المخلوقات الأرضية…،

والتكريم: جعله كريما، أي نفيسا غير مبذول ولا ذليل في صورته ولا في حركة مشيه وفي بشرته،

فإن جميع الحيوان لا يعرف النظافة ولا اللباس ولا ترفيه المضجع والمأكل ولا حسن كيفية تناول الطعام والشراب،

ولا الاستعداد لما ينفعه ودفع ما يضره، ولا شعوره بما في ذاته وعقله من المحاسن فيستزيد منها والقبائح فيسترها ويدفعها”.

فمرتكب فعل التعري يتحمل مسؤولية تجاه نفسه أولا، ومسؤولية تجاه الغير من والدين، وأولاد وجيران، وزملاء في العمل، وكل من شاهد هذا التعري المخالف للشرع.

المسؤولية المجتمعية

وهنا تبرز المسؤولية المجتمعية، التي فرطت في فرض القوانين التي تحيي روح الشريعة، ومبادئها، وحتى القانون الحالي في الفصل 483 الذي يقول: “من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.

ويعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم”، لا يرقى إلى المطلوب، والدليل هو ما نراه من استفحال هذه الظاهرة.

وكذلك تتجلى المسؤولية المجتمعية في تفريطه في نشر الدروس العلمية والفكرية، التوعوية، والتي ترجع الإنسان إلى حضن شرع الرحمان، وكريم الأخلاق والفعال، وزرع القيم الحميدة، وإحياء دور الحسبة التي كانت تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن الفحشاء والمنكر، حتى لا يغرق الفرد والمجتمع في عالم اللذة، التي تقوده الرأسمالية التي لا يهمها من الإسنان سوى جيبه، لا أخلاقه وعرضه.

اقرأ أيضا:

قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا

اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات

المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟

السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس

دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية

حكم غير متوقع في حق مستشار وزير العدل السابق

المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟

تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق

محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top