إبانة24: متابعة
مشكل السكن.. معاناة اجتماعية تطلب حلولا
أحياء الصفيح
تعكس أحياء الصفيح مشكلا اجتماعيا أعمق مما يراه البعض، فهي هامش في المدينة يجتمع فيه من لا يستطيع توفير شروط السكن في المدن،
من عمال ومياومين فقراء أو وافدين من البادية بعدما استنفذوا سبل العيش هناك.
ويقتضي هذا المشكل تدخل الحكومة لحله تدريجيا، ليس بمقاربة سكنية فقط، وإنما بمقاربة اجتماعية متكاملة،
يجمع بين قطاعات متعددة، منها التشغيل والاقتصاد والتعليم، إلخ.
وفي سياق متصل قالت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري،
خلال إجابتها على سؤال برلماني، إن “150 ألف أسرة لا زالت لم تستفد من برنامج مدن بدون صفيح الذي جرى إطلاقه منذ سنة 200،
منها 61 ألف أسرة في طور المعالجة”، مؤكدة أن “70 في المئة من ظاهرة دور الصفيح،
تتركز في التجمعات الكبرى خصوصا تمارة والدار البيضاء ومراكش وسلا وكرسيف والعرائش والصخيرات.
وأضافت ذات الوزيرة أنه “لهذا السبب قررت وزارة السكنى والتعمير، التركيز على هذه التجمعات كهدف أول”،
كما أكدت أنه “في سنة 2022 صادقت الوزارة على اتفاقيتين جديدتين بتكلفة إجمالية تقدر بـ1,5 مليار درهم
تساهم فيها الوزارة بما يناهز 300 مليون درهم، وأضافت أن هاتين الاتفاقيتين ستحسن من ظروف عيش 12 ألف و613 أسرة من قاطني دور الصفيح”.
وذكرت المنصوري، في ذات الجواب، أن “هناك عددا من الإكراهات التي يواجهها البرنامج،
ومن بينها الانتشار المستمر للسكن الصفيحي، وإشكالية الإحصاء، والنقص في الوعاء العقاري،
وضعف القدرة الشرائية للسكان، وضعف الالتقائية بين الشركاء ومشكل الحكامة”.
وزادت ذات المتحدثة أنه “من ضمن الحلول لتجاوز هاته الإكراهات، بلورة مقاربة جديدة واعتماد التكنولوجيات الحديثة لضبط الإحصاء،
وخلق سجل وطني موحد يحصر المستفيدين، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإشراك فاعلين جدد وخصوصا الجهات”.
وتبقى هذا الإرادات بمبادراتها مشكورة وواجبة، إلا أن السياسات العمومية والقطاعية تطلب نوعين من التعامل،
تعامل مع الظاهرة في ذاتها بشكل مباشر، وآخر مع الظاهرة من خلال باقي القطاعات وبشكل غير مباشر.
دعم السكن في ميزانية 2023
السكن حق إنساني، ومن حق كل إنسان أن يحصل على السكن اللائق، يحتمي به من قساوة الخارج،
سكن خلاق يشجع الإنسان على الإبداع ويساعده على الاستقرار.
في هذا الإطار، قررت الحكومة من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2023، دعم المواطنين الراغبين في اقتناء سكن بشروط.
وأفاد مشروع مالية السنة المقبلة أن أبرز هذه الشروط، “أن يكون المقتني حاملا للجنسية المغربية،
ولم يسبق له أن استفاد من أي امتياز ممنوح من طرف الدولة فيما يخص السكن وأن لا يكون مالكا عند تاريخ الاقتناء لعقار مخصص للسكن”.
بالإضافة إلى “أن يتم إبرام الوعد بالبيع وعقد البيع النهائي لدى موثق،
وأن يتضمن العقد النهائي التزام المقتني بأن يخصص السكن لسكنه الرئيسي لمدة أربع سنوات ابتداء من تاريخ إبرام عقد الاقتناء النهائي،
وأن يضع لفائدة الدولة رهنا رسميا من الرتبة الأولى أو من الرتبة الثانية، ضمانا لاسترداد الإعانة الممنوحة في حالة إخلاله بهذا الالتزام”.
وحدد مشروع الميزانية من الشروط أن “الرهن لا يُرفع إلا بعد أن يدلي المعني بالأمر بالوثائق التي تفيد تخصيص السكن
المقتنى كسكن رئيسي لمدة أربع سنوات وتتمثل هذه الوثائق في طلب رفع الرهن، ونسخة من عقد البيع،
ونسخة من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية تحمل عنوان السكن موضوع الرهن
أو شهادة إدارية تشير إلى المدة الفعلية للإقامة، بالإضافة إلى نسخ من إيصالات الأداء لرسم الخدمات الجماعية”.
وخصص ذات المشروع “ملياري درهم كنفقات لصندوق التضامن لدعم السكن وللسكنى والاندماج الحضري،
تشرف عليه وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة“.
هدم إقامة سكنية تتضمن مئات الشقق بتمارة
كتب الحقوقي الأستاذ محمد زهاري “تعيش مدينة تمارة هذه الأيام على وقع صدمة كبيرة سَتُحدث
لا محالة آثارا اجتماعية على فئة هشة من الساكنة، يتعلق الأمر بالقرار المتعلق بهدم إقامة سكنية بكاملها تتضمن مئات الشقق
التي وصل بناؤها إلى المراحل النهائية”.
وأضاف الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان: “ما حدث ليس بالأمر الهين
الذي يمكن اختزاله في وجود إقامة سكنية شارفت أشغالها على الانتهاء في غياب توفر الشركة صاحبة المشروع
على رخصة البناء طبقا لمقتضيات القانون وخاصة منه قانون التعمير 12.90 والقانون 66.12 المتعلق بالمراقبة
وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء والمرسوميين الصادرين سنتي 2013 و2019 والمتعلقين
بضابط النظام العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق، بل هو أبعد من ذلك بكثير”.
وزاد: “وأنا أبحث في الموضوع وأتصفح المقتضيات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية والقرارات
والدوريات المشتركة الصادرة عن السلطات الحكومية المختصة، توقفت كثيرا عند ما تضمنته المذكرة
المشتركة رقم 17.07 بشأن تفعيل مقتضيات القانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء،
بين وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ووزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة محمد نبيل بن عبد الله.
وأثار انتباهي بشكل كبير ما خلصت إليه المذكرة والتي تتضمن تعليمات صارمة إلى الولاة والعمال حيث نصت على:
“هذا ويتعين على السيدات والسادة الولاة والعمال باعتبارهم المشرفين على عملية المراقبة وزجر المخالفات
بموجب القانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، إيلاء الأهمية القصوى لتنفيذ التعليمات الواردة في هذه الدورية”.
وتابع ذات المتحدث “أن الدورية المشتركة وكما ورد في القانون وضعت السلطة المحلية في مقدمة من لهم الصلاحية في تقديم الطلب لضباط الشرطة القضائية لمعاينة المخالفات، مع العلم أن العامل والقواد والباشوات هم ضباط شرطة قضائية ويمكن لهم بحكم القانون تحرير محاضر معاينة للمخالفات مباشرة؛ إضافة أن مهمة البحث عن المخالفات والإبلاغ عنها كما ورد في الدورية من مهام الأعوان التابعين للسلطة الإدارية المحلية”.
وتساءل زهاري:
“لماذا لم يتم الرجوع إلى مقتضيات الفصل 48 من قانون التعمير 90.12 الذي ينص على: “في حالة سكوت رئيس المجلس الجماعي تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ إيداع طلب الحصول عليها”، وقد كان من اللازم التأكد من وضع صاحب المشروع لطلب الحصول على الرخصة لكنه ووجه بسكوت رئيس المجلس الجماعي، وبالتالي فهو في وضعية المستلم للرخصة”.
وأردف متسائلا: “ولماذا لم يتم استحضار البعد الاجتماعي للمشروع خاصة وأنه يتضمن القضاء على حي صفيحي بأكمله (دوار موسى) من طرف الشركة صاحبة المشروع، وقرار إعادة إسكانهم ضمن الشقق التي تم هدمها. وقد تكفل صاحب المشروع بأداء واجب الكراء لهم طيلة الفترة الانتقالية إلى حين استلام شققهم التي أصبحت اليوم حلما موؤودا بقرار ارتجالي اتخذه عامل الإقليم دون استحضار ما تحدثنا عنه؟
أين كانت السلطات التي أشرنا إليها سابقا وأعوانها عندما كان المشروع يبنى ضمن ورش كبير يتضمن مئات الشقق؟ أم أنها كانت تعلم بذلك علم اليقين وان التحرك المفاجئ جاء في اطار تصفية حسابات بين اطراف متواطئة لها علاقة بالمشروع؟”.
ألم يكن من الممكن، حسب زهاري، “دراسة إمكانية أخرى يتيحها القانون ويتعلق الأمر برخصة التسوية التي تشمل كذلك بناية أنجزت اشغالها دون الحصول على رخصة بناء، وتسلم هذه الرخصة بعد التحقق من أن البناية تحترم ضوابط السلامة الواجب مراعاتها في المباني، وكذا متطلبات الصحة والمرور والجمالية”.
وفي الأخير أكد الأستاذ زهاري “أن ما حدث في اعتقادي لا يجب ان يتوقف عند القرار الارتجالي القاسي المتخذ والذي سيسهم لا محالة في تشريد العديد من الأسر، بل في إعفاء وترتيب الجزاء ضد مسؤولي الإدارة الترابية وعلى رأسهم العامل وباشا المدينة وقائد الملحقة الإدارية التابع لنفوذها المشروع، والأعوان المشار إليهم سابقا”، مردفا “وعلى كل المسؤولين المعنيين الانكباب على إيجاد حل للضحايا في أقرب وقت”.
كما دعا “الجمعيات الحقوقية ومنها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى مراسلة الجهات القضائية والحكومية المختصة لفتح تحقيق في الموضوع ومعاقبة المسؤولين عن الكارثة وعدم إفلاتهم من العقاب”.
قول الفقيه
الصلابي: الدولة مسؤولة عن ضمان السكن للمحتاجين
“إن حاجة الإنسان إلى مسكن أمرٌ من الأمور الأساسية في حياته وهو من نعم الله عز وجل على الإنسان.
قال تعالى: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ﴾ (النحل، آية 81).
أي أن الله سبحانه قد جعل البيوت أيًّا كان نوعها سكنا يفيء إليه الناس، ويشعرون فيه بالراحة، ويأمنون على عوراتهم وحرماتهم، فتسكن نفوسهم وتطمئن، لذا فقد قررت الشريعة الإسلامية حق المسكن لكل أفراد الدولة، فمنحهم حرية بناء المساكن وتملكها والإيواء فيها والاحتماء بها، بل ألزم الدولة مسؤولية ضمان سكن لكل المحتاجين من أفرادها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ عليهم وهو مسؤول عنهم”، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما من أمير عشيرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكه إلا العدل”.
ومن العدل تأمين حاجات كل ضعيف في المجتمع ومنها الحاجة إلى السكن، وإذا عجزت الدولة بمواردها المختلفة عن كفالة هذا الحق للمحتاجين من رعاياها، فإن المسؤولية تقع على عاتق الأغنياء في المجتمع، فعليهم أن يقوموا بإيفاء حاجات الفقراء والمحتاجين من الطعام والشراب واللباس والمأوى الذي يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء وعيون المارة، فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له”. (د.علي الصلابي، مقال: هل تأمين السكن من وظائف الدولة المسلمة).
اقرأ أيضا:
قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا
اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات
المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟
السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس
دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية
المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟
تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق
محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)