إبانة24: متابعة
الشباب المغربي بين عري التكنولوجيا وعري الواقع: مأساة حقيقية بلا مجاز
إن صور الشبان المغاربة وهم حفاةً وعراةً وهم جالسون على الأرض في تراجيدي مهين، وكأننا نشاهد فصول رواية كلاسيكية
تتناول علاقة الإنسان المعاصر بالعالم الرقمي، أو فصول كتاب “الإنسان العاري: الدكتاتورية الخفية للعالم الرقمي“
لمؤلفيه مارك دوغان وكريستوف لابي، الذي يتناول تأثير الثورة الرقمية على الإنسان المعاصر،
مسلطاً الضوء على الكيفية التي يتم بها استغلال البيانات الشخصية وتعرية الخصوصية عبر التكنولوجيا الحديثة.
يتحدث الكتاب عن كيفية تجريد الفرد من خصوصيته عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
حيث تُجمع البيانات الشخصية دون علم الأفراد بشكل كامل، ويتم استخدامها لأهداف تجارية أو سياسية، مما يضع الإنسان في موقف “عاري” أمام أنظمة المراقبة الإلكترونية.
فالفرق هنا أن عنوان الكتاب يعبّر عن استعارة رمزية لما تسببت به الثورة الرقمية في كشف خصوصيات الإنسان،
بينما صور شبابنا تعكس عريًا حقيقيًا، حيث تُظهر ملابسهم الداخلية وآثار الندوب والكدمات.
ورغم هذا الاختلاف، إلا أن هناك تشابهًا كبيرًا بين الكتاب وصور هؤلاء الشباب، فكلاهما يعكس وضعية الإنسان المكشوف
والمجرد من أي حماية أو دعم. نحن، كمغاربة، نعيش حالة عري مزدوجة؛ رمزية ومباشرة.
في هذه الأيام، نشهد مآسي كنا نظن أنها من الماضي، حيث يهرب الآلاف من شبابنا وأطفالنا إلى الجبال والغابات والبحار بحثًا عن الفرار، دون أن نسمع موقفًا أو تصريحًا من أي مسؤول.
أسبوع مضى من المطاردات والملاحقات في الشوارع والجبال، ولا وجود لأي تواصل أو حضور لمسؤول.
الحيرة والقلق
من الغريب أنه بعد أكثر من أسبوعين من الحيرة والقلق، لم يصدر أي بلاغ رسمي أو تصريح، كأننا نعيش في دولة خالية من المسؤولية، تسيطر علينا الشائعات والروايات الخيالية. البعض يزعم وجود مؤامرات أجنبية، والبعض الآخر يشير إلى خلافات داخلية.
نحن نعيش حالة من العري الكامل، سياسيًا واجتماعيًا، حيث نُترَك وحدنا في مواجهة المنصات الرقمية والشبكات الاجتماعية، دون أن يظهر لنا أي مسؤول يُقدّم تفسيرًا أو حلولًا.
الحكومة سحبت من أطفالنا البسطاء حتى الحق في التعليم اللائق، وحوّلتنا إلى ضحايا لاستغلال شركات المحروقات التي يملكها رئيس الحكومة، والتي تزداد ثراءً على حساب قوتنا.
نحن أيضًا عراة أمام السياسات الفلاحية التي تستنزف مياهنا وضرائبنا، وتُصدّر محاصيلها إلى الخارج، تاركة إيانا فريسة للجوع والعطش، وحتى في ظل هذه الظروف القاسية، تجد الحكومة تفرض علينا ضرائب قاسية بينما تمنح القروض والتسهيلات للمحظوظين.
كما أشار كتاب “الإنسان العاري”، فإن التكنولوجيا جرّدت الإنسان من خصوصيته، وجعلته مكشوفًا أمام أنظمة التحكم والمراقبة. لكن، في حالة الإنسان المغربي، نحن لا نحتاج إلى التكنولوجيا لنتعرى، فنحن عراة بالفعل أمام سياسات فاشلة وتواصل حكومي مفقود.
غياب التواصل الحكومي يعمّق الشعور بالعجز والضياع، ويجعل المغاربة عرضة للشائعات والتأثيرات الخارجية. في ظل هذا “العري”، تتحول المشاريع الكبرى التي تعلن عنها الدولة إلى شعارات جوفاء في نظر المواطن الذي يفتقر إلى الشفافية والإجابات. لهذا، فالمغاربة، حقًا عراة، حقيقة بلا مجاز.
اقرأ أيضا:
السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس
دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية
محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالي