إبانة24: متابعة
مقتل حسن نصر الله بين العاطفة والعقل
عند وقوع أحداث مفصلية، يظهر التحدي الحقيقي في قدرة الإنسان على التفاعل معها بمزيج من العواطف والفكر القيمي، وكذلك التفكير العقلاني والمنطقي، وفي حادثة مثل اغتيال قيادات حزب الله اللبناني وعلى رأسهم حسن نصر الله، نجد أنفسنا في مواجهة تيارين، أحدهما يميل إلى الجانب العاطفي بشكل كامل، بينما يتبنى الآخر موقفاً عقلانياً بصورة صارمة، وكأن هذه العقلانية اكتشاف جديد.
لكننا في خضم هذه الانقسامات، نفقد القدرة على سماع كلا الفريقين بشكل واضح، إذ يتحول النقاش إلى مجرد صخب بلا مضمون، وهرطقات بلا ضوابط، وفي السياق المغربي، من حق كل فرد أن يسعى لفرض روايته الخاصة للأحداث، فالسرديات تشكل جزءاً أساسياً من المعارك ذات البعد الإنساني، كالقضية الفلسطينية، ومع ذلك، في ظل هذا الضجيج، يحتاج المغاربة، خاصة المثقفين وقادة الرأي، إلى التوقف عند سؤالين بسيطين: ماذا حدث؟ وكيف نتفاعل مع ذلك؟
بالنسبة للسؤال الأول، أراه بسيطاً ولا يحتاج إلى تعقيد. نحن لسنا أمام هزيمة لمعسكر المقاومة ضد الاحتلال، بل أمام تحول عميق في مسار حزب الله، الذي لن يعود كما كان. ما حدث يشبه عملية جراحية دقيقة تهدف إلى اقتلاع الحزب كأداة في المقاومة اللبنانية، وقطع رأسه التنظيمي والسياسي والعسكري.
أما بالنسبة للسؤال الثاني حول كيفية التفاعل مع الحدث، فالأمر يتوقف على القناعات الشخصية لكل فرد، لكن هناك نقطتين يجب الوقوف عندهما: دور حزب الله في الحرب السورية وعلاقته المزعومة بجبهة البوليساريو. فمشاركة الحزب في الحرب السورية كانت استجابة لأوامر إيرانية ودعماً للنظام السوري. ولا يمكن تبرير هذه المشاركة رغم وضوح أسبابها.
أما فيما يتعلق بدعمه المزعوم للبوليساريو، فقد اتهم المغرب حزب الله بتقديم دعم عسكري للجبهة، وهو ما نفته إيران وحزب الله والبوليساريو. وهنا يبرز السؤال: هل كانت هناك دلائل واضحة تدعم هذه الاتهامات؟ المغاربة يستحقون توضيحاً كاملاً حول هذه القضية، لأن الأمر يتعلق بالأمن القومي.
في النهاية، للشعوب الحق في تمييز الحقائق بعيداً عن الشعارات المختزلة، كما أن لهم الحق في الدفاع عن قضاياهم العادلة ومقاومة الاحتلال، بينما يظل للنقاش العقلاني دوره في مواجهة التضليل الإعلامي.