بين تصريحات ماكرون واعتقال المومني!؟

بين تصريحات ماكرون واعتقال المومني!؟

إبانة24: متابعة

بين تصريحات ماكرون واعتقال المومني!؟

منذ بداية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كانت هناك شكوك بخصوص ثمن ما قد يُطلب من المغرب دفعه مقابل النتائج الإيجابية التي حملتها هذه الزيارة. وما أن غادرت طائرته الأجواء المغربية، حتى تم اعتقال الحقوقي المغربي فؤاد عبد المومني، حيث خضع لتحقيقات بعد مشاركته لتدوينة تتعلق بالعلاقة مع فرنسا. وفي نفس الوقت، قامت السلطات بتفريق مظاهرة للمواطنين الذين كانوا يحتجون أمام القنصلية الفرنسية في الدار البيضاء، تعبيراً عن رفضهم لتصريحات ماكرون حول القضية الفلسطينية في البرلمان الفرنسي.

وأثناء حديثه في البرلمان، أعاد ماكرون استخدام تعبير “الحاضر والمستقبل” عند الإشارة إلى السيادة المغربية على الصحراء، مستبعداً الماضي بشكل واضح. هذا الاستثناء أثار تساؤلات بين المراقبين والباحثين، إذ يبدو أنه تجنب متعمد لاعتراف تاريخي بسيادة المغرب على هذه المنطقة.

لقد أضاء المؤرخون على أن مفهوم “الصحراء الغربية” ذاته وُلد في الدوائر الاستعمارية الفرنسية منذ القرن التاسع عشر، حيث كانت تُستخدم هذه التسمية للإشارة إلى المناطق الجنوبية الغربية التابعة للمقاطعات الجزائرية المستعمرة من قبل فرنسا، والتي تضم وهران والجزائر العاصمة وقسنطينة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا المصطلح يتوسع تدريجياً ليشمل مناطق مغربية ذات سيادة تاريخية.

تهرب ماكرون من مواجهة هذه الحقائق لأنه يدرك تورط فرنسا العميق في تشجيع الانفصال في هذه المناطق، عبر توظيف بعثات علمية وعسكرية، فضلاً عن التحالفات الإقليمية مع دول مثل إسبانيا. وقد زادت أهمية هذا المشروع الانفصالي بعد اكتشاف ثروات معدنية هائلة في المنطقة، ما خلق دوافع جديدة لاستمرار التوترات.

كما أن ماكرون يعلم تماماً أن الوثائق التي تحتفظ بها فرنسا حول الماضي الاستعماري قد تعيد رسم الحدود القانونية للصحراء وتؤكد انتماءها التاريخي إلى المغرب. هذه الوثائق تُظهر أن فرنسا، بالإضافة إلى إسبانيا، حكمت مناطق الصحراء بأدوات مخزنية مغربية، حيث كانت السلطات الاستعمارية تستمد شرعيتها من تعيينات تأتي من السلطة المغربية، مما يثبت أن هذه الأراضي لم تكن يوماً أرضاً خلاءً تستدعي تقرير المصير.

أيضاً، لا يمكن إغفال كيف تواطأت فرنسا مع الجزائر خلال حرب الرمال، حيث قدمت دعماً واسعاً للجزائر عبر وثائق وخرائط ساعدتها في المطالبة بمناطق متنازع عليها. وقد كان هدف هذا التواطؤ منع المغرب من استعادة أراضيه الحدودية وتحييده عن دعم الثورة الجزائرية.

الهروب من مواجهة الماضي يعكس رغبة في تحاشي الاعتراف بالدور التاريخي لفرنسا في تفاقم النزاع الحالي، وتفضيلها لمواقف تخدم مصالحها في المنطقة.

اقرأ أيضا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top