مغربي من طفل “حراگ” تحت شاحنة إلى ضابط شرطة في إسبانيا
لم يكن بحاجة إلى عبور البحر أو تسلق الأسوار، بل اختار مروان، وهو فتى في الخامسة عشرة، وسيلة غير مألوفة للوصول إلى الضفة الأخرى، إذ تسلل أسفل شاحنة تجارية قبل صعودها إلى سفينة متجهة نحو إسبانيا من ميناء طنجة. لم يكن يدرك آنذاك أن هذه الخطوة ستقوده بعد 13 عاماً ليصبح ضابط شرطة في دوس هيرماناس بإقليم الأندلس.
مسار استثنائي
مروان الشهيبي برايك، شاب مغربي يبلغ 28 عاماً، أثارت قصته اهتمام الإعلام الإسباني مؤخراً، بعدما تحدث لموقع 101tv.e عن رحلته الملهمة، التي اعتبرها كثيرون نموذجاً لقوة الإرادة والسعي الدؤوب نحو مستقبل أفضل.
عبور محفوف بالمخاطر
بحسب ما رواه للموقع، نجح مروان في الوصول إلى إسبانيا متخفياً تحت شاحنة، ليعبر مضيق جبل طارق نحو ميناء الجزيرة الخضراء، رغم محاولات عديدة انتهت بإيقافه من قبل السلطات، كان يدرك أنه يسعى وراء فرصة قد تكون نادرة في بلده، خاصة لمن ينحدرون من أسر بسيطة، كما كان حاله.
قرر المغامرة برفقة أصدقائه دون إبلاغ والديه، ليجد نفسه فور وصوله محتجزاً لدى الأمن، قبل نقله إلى مركز إيواء للقاصرين، حيث قضى عدة أسابيع، ومن ثم أُعيد توجيهه إلى مركز آخر في إشبيلية.
تحديات وتأقلم
تنقل مروان بين عدة مراكز رعاية، والتحق بتكوين في مجال البستنة، لكنه سرعان ما أدرك أنه ليس المجال المناسب له، فانتقل إلى دراسة الكهرباء، أكمل تعليمه وحصل على شهادة الثانوية الإلزامية (ESO) وهو في التاسعة عشرة.
بفضل دعم مؤسسة دون بوسكو والسلزيان، بدأ دراسة البكالوريا بالتزامن مع إنهاء إجراءات حصوله على الجنسية الإسبانية، ما مكنه لاحقاً من الترشح لاختبارات الشرطة المحلية، وهو حلم راوده منذ سنوات.
واجه تحديات كبيرة أثناء التحضير للامتحانات، إذ كانت المواد الدراسية شاقة، واللغة والثقافة مختلفتين عما نشأ عليه، لكنه لم يستسلم، واصل الدراسة لساعات طويلة، واستعان بأساتذته باستمرار حتى تمكن من تجاوز الصعوبات.
تحقيق الحلم
في الخامسة والعشرين، تلقى اتصالاً من بلدية دوس هيرماناس يبلغه باجتيازه امتحان الشرطة المحلية، ولم يتبق له سوى الفحص الطبي للالتحاق رسمياً بالقوة الأمنية، يتذكر مروان تلك اللحظة بتأثر شديد، إذ لم يتمالك دموعه طوال الطريق إلى المسجد يوم الجمعة، مستعيداً مشهد هجرته وهو مختبئ تحت شاحنة، وجميع التحديات التي واجهها في سبيل تحقيق حلمه.
رسالة أمل
يرى مروان أن قصته تمثل دحضاً للصورة النمطية السلبية عن القاصرين المهاجرين غير المصحوبين، الذين يُنظر إليهم أحياناً كمصدر مشكلات، مؤكداً أن أغلبهم يبحث عن فرص للدراسة والعمل من أجل مستقبل أفضل.
يختم حديثه برسالة تحفيزية لكل من يسعى لتحقيق أحلامه في الغربة، قائلاً: “الفرص موجودة، لكنها تحتاج إلى جهد وصبر. في النهاية، هذا البلد يكافئ من يعمل بجد، ومن يسعى بصدق سيجد الطريق أمامه مفتوحاً”.
اقرأ أيضا: