الإضراب العام في زمن التغيرات والتغول الحكومي
إبانة24: متابعة الإضراب العام في زمن التغيرات والتغول الحكومي في يومنا هذا، يطل الإضراب العام الذي دعت إليه العديد من المركزيات النقابية والهيئات السياسية، ليعيد إلى الأذهان مشهدًا قد يراه البعض من جيل الثمانينيات والتسعينيات كخرافة بعيدة، كانت هذه الدعوات في تلك الحقبة بمثابة رصاصة تنطلق نحو قلب الدولة، والتي لم تكن تتوانى عن استخدام كل وسائل القمع لمواجهتها. كانت أيام الإضرابات العامة مفعمة بالاحتقان، حيث كانت الشوارع تشهد صراعات بين القوى الأمنية والعسكرية من جهة، والمجتمع المتناغم مع الدعوات الاحتجاجية من جهة أخرى، مما كان يعكس صراعًا حقيقيًا على السلطة والتأثير في القرار العام. اليوم، وعلى الرغم من أن الإضراب لا يزال قائمًا، إلا أن الأجواء التي تسبق يومه تبدو مختلفة بشكل ملحوظ. الشوارع لا تعكس أي إشارة على حالة الطوارئ التي كانت سائدة سابقًا، بل تزدحم بالحركة والنشاط، والمقاهي والمحلات التجارية تفتح أبوابها استعدادًا لاستقبال الزبائن. هذا التحول الجذري في العلاقة بين الدولة والمجتمع يشير إلى أن هناك شيئًا ما قد تغير على مدار العقود الماضية. لم تعد الدولة تخشى من أن يؤدي الإضراب العام إلى انزلاق البلاد إلى فوضى أمنية أو انفلات منظم. إن هذا التغير لا يعود إلى تطور الدولة نفسها أو اكتسابها شرعية أقوى، بل إلى واقع تراجع المجتمع وضعفه، وفقدانه القدرة على التعبير عن رفضه أو تحديه للسلطة. حتى الهيئات النقابية التقليدية لم تعد قادرة على تحريك الرأي العام بالقدر الذي كانت عليه في السابق. في هذا السياق، يبدو أن الإضراب لا يقتصر على كونه أداة ضغط على أرباب العمل فقط، بل هو جزء من صراع اجتماعي أوسع يعكس التوترات بين طبقات المجتمع المختلفة. ورغم أن البعض يرى أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب قد يكون محاولة لتقنين هذه الأداة النضالية، فإن السؤال الأهم يبقى: هل سيتمكن هذا التشريع من الحفاظ على التوازن بين حقوق العمال وظروف العمل؟ أم أنه سيشكل وسيلة لتكبيل هذا الحق الأساسي؟ الواقع أن قانون الإضراب في المغرب قد مر بفترات طويلة من المماطلة، ولم يكن بالإمكان إصداره في وقت كانت الدولة تخشى فيه ردود فعل المجتمع. واليوم، في ظل هذا الوضع “المريح” بالنسبة للدولة، يبدو أن المعركة قد حُسمت لصالح السلطة، التي تسيطر بشكل كبير على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية، مما يجعل الإضراب اليوم أقل تأثيرًا مما كان عليه في الماضي. لكن بعيدًا عن النقد السلبي والإحباط، يجب أن نقر بأن المجتمع نفسه جزء من المسؤولية عن هذه الحالة. الخطاب السائد حول الإضراب لا يزال يحمل في طياته الكثير من الدعوات إلى العودة إلى الماضي، حيث كان التفاوض عبر “الحوار الاجتماعي” هو الحل المثالي. لكن هذا الواقع لم يعد يتماشى مع التطورات الاجتماعية والسياسية الحالية، ويبدو أن المجتمع بحاجة إلى إعادة بناء أدواته النضالية وتحديث خطاباته بما يتناسب مع التحديات الجديدة. في النهاية، قد يكون الإضراب الحالي هو الأخير قبل أن يُؤمم كحق، ويصبح مجرد إجراء شكلي تحت وطأة التشريعات التي لن تترك له أي قوة فعلية. ولكن قبل أن نلجأ إلى الانتقادات العمياء، يجب أن نتحلى بقدرة على الاعتراف بالتغيرات الحاصلة، والتساؤل حول ما إذا كانت هذه التحولات تعكس حقيقة تغيّر ميزان القوى بين المجتمع والدولة، أم أنها مجرد تكريس للوضع الراهن. إضراب عام سعيد؟ ربما، لكن هل سيظل له ذات المعنى في المستقبل؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة. اقرأ أيضا: كاتغوّتي يحرك النقاش أين اختفت الحكومة؟؟.. المغاربة بين لهيب الأسعار وأزمة العطش جشع النفوذ وصراخ العدالة.. القاضية مليكة العمري في مواجهة مصير مؤلم نشرة انذارية حمراء.. أمطار رعدية قوية تهدد عدة أقاليم في المغرب اليوم أمطار غزيرة وزخات رعدية قوية تضرب عدة أقاليم.. تحذيرات بالأحمر والبرتقالي! هل تحمل قنبلة في جيبك؟ الهواتف الذكية تتحول إلى أدوات قتل صامتة! تغير في الأحول الجوية