مشروع كيان الاحتلال ومخاطر “التطبيع”
إبانة24: متابعة مشروع كيان الاحتلال ومخاطر التطبيع تجاوز مشروع كيان الاحتلال الصهيوني حدود الاستعمار التقليدي ليصل إلى أبعاد أكثر عمقا وخطورة، حيث لم يعد هدفه السيطرة على الأراضي أو فرض الهيمنة العسكرية، بل تحورت أطماعه إلى محاولة شاملة لإعادة تشكيل الهياكل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للدول العربية والإسلامية. إن النهج الصهيوني الجديد والذي اصطلح عليه ب”الاستعمار الجديد”، وظهر كمصطلح أواخر سبعينيات القرن الماضي، وهو مصطلح يؤكد على أنّ زمن احتلال أرض الغير بالقوة العسكرية المسلحة قد ولى إلى الأبد، ليحل محله شكل آخر من الاستعمار يقوم على سرقة طوعية، ظاهرة وخفية، للموارد الطبيعية والبشرية. لقد تغير المشهد السياسي العالمي، حيث أصبح الهدف الأعمق للإمبريالية الصهيونية هو الهيمنة على العقول والقلوب، وتغيير أسلوب الحياة بالكامل بما يتناسب مع مصالح كيان الاحتلال، هذا النوع من الاستعمار يتغلغل في نسيج المجتمعات بطرق غير مباشرة، حيث يستخدم وسائل ناعمة مثل التطبيع الاقتصادي، والإعلامي والثقافي، لتحقيق أهدافه. فنجد المكون العبري يلعب دورا محوريا في تحقيق أهداف الاحتلال الصهيوني، من خلال استقطاب “الصيانيم”، وهم أعضاء من الجاليات اليهودية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، وتحديدًا في الدول العربية والإسلامية، ويعمل هؤلاء الأفراد كجواسيس وعملاء سريين لصالح كيان الاحتلال الصهيوني، ويقدمون خدمات استخباراتية واستراتيجية مهمة، لكن تأثير الصيانيم لا يتوقف عند هذا الحد، فهم يتغلغلون في مؤسسات الدولة والمجتمع، ويعملون على تشكيل شبكات ضغط تدفع باتجاه سياسات تخدم مصالح الاحتلال. الصيانيم في المغرب وعلى سبيل المثال، في المغرب، يمكن أن يستخدم الصيانيم علاقاتهم العائلية والاجتماعية للتأثير على صناع القرار أو لتمرير سياسات اقتصادية تخدم الكيان، هذا التغلغل يعزز نفوذ الاحتلال في المغرب بشكل غير مباشر، مما يضعف قدرة الدولة على اتخاذ قرارات مستقلة تخدم مصلحتها الوطنية. وبما أن المغرب يعتبر من الدول الغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الفوسفات، الذي يُعتبر أحد أهم موارد الاقتصاد الوطني، وكذلك المعادن النادرة والطاقات المتجددة، وكقوة طاقية صاعدة، باحتياطيات مهمة من الغاز والبترول، والثروة السمكية، وغيرها.. ومن خلال سياسات التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، الذي يسعى للوصول إلى هذه الموارد واستغلالها لصالحه، يتم ذلك عادة عبر شركات متعددة الجنسيات تبرم عقودا مشبوهة تحت غطاء التعاون الاقتصادي. استخراج الفوسفات والمعادن هذا الاستنزاف للموارد لا يقتصر على الأبعاد الاقتصادية فقط، بل يمتد ليشمل التأثير البيئي أيضا، على سبيل المثال، استخراج الفوسفات والمعادن يتطلب كميات هائلة من المياه، بالإضافة إلى أن أغلب الخضروات التي يتم إنتاجها بشكل عصري، والتي توجه للتصدير، باتت تعتمد على بذور “إسرائيلية”، وذكر بعض الباحثين في المجال أن 80 في المائة من البذور المتداولة والمستعملة من قبل الفلاحين، في الضيعات العصرية تعتمد على البذور “الإسرائيلية”، وهذا رقم يهدد الأمن الغذائي الوطني، كما تؤدي هذه التدخلات إلى تفاقم مشكلة ندرة المياه في المغرب، خاصة في المناطق الجافة، الأمر الذي ينعكس سلبا على الأمن المائي والزراعي في البلاد، مما يضعف من قدرتنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي. كما لا يقتصر خطر التطبيع على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد ليشمل الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المغربي، فمن خلال تعزيز العلاقات مع الاحتلال، يتم فتح الأبواب أمام غزو ثقافي يسهم في تغيير القيم والعادات الوطنية، لأن هذا الغزو ليس مجرد تأثير سطحي، بل هو عملية ممنهجة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والثقافي وتقويض الهوية الوطنية. إن مشروع كيان الاحتلال الصهيوني هو مشروع استعماري متكامل لا يهدد فقط السيادة الوطنية للدول المستهدفة، بل يمتد ليشمل هويتها وثقافتها واقتصادها، إن التصدي لهذا المشروع يتطلب وعيا عميقا بالمخاطر التي ينطوي عليها التطبيع، وبناء استراتيجيات مقاومة فعالة على جميع الأصعدة. اقرأ أيضا: قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟ السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية حكم غير متوقع في حق مستشار وزير العدل السابق المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟ تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)