اخر الأخبار, تحت سلايد, رأي و ثقافة, سلايد

حرية الفقهاء في العصر الحديث: من يتحمل مسؤولية انحسارها؟

إبانة24: متابعة حرية الفقهاء في العصر الحديث: من يتحمل مسؤولية انحسارها؟ المتأمل لأحداث التاريخ، المتتبع لوقائعه المؤثرة في انصاف وتجرد لا يمكن أن تخفى أو أن تغيب عنه المكانة التي كان يشغلها ويحظى بها الفقهاء على امتداد خريطة النفوذ المكاني والتمكين الزماني لأمة الإسلام، فعلماء الشريعة كانوا يمثلون الركيزة الأساسية للفكر الإسلامي، يقدمون الفتاوى والاجتهادات والإرشادات الدينية، والإشراف على بيعة السلاطين والملوك، وقد مثلو أهم ما كان يعرف في سياق الهيئات ب”أهل الحل والعقد”. فهم إذا شكلوا انعكاسا لمبدئ التنوع، والاختلاف المذهبي، والاجتهاد المنضبط بنصوص الشرع، والثراء الثقافي، والنبوغ المعرفي، وحرية الفكر الحقة في المجتمعات الإسلامية. فإن كانت هذه سيرتهم وتلك مكانتهم عند من سلف فكيف كان حالهم عند من خلف؟ إن ما سارت إليه الأمور وآلت إليه من تغيير طارق في العصر الحديث، -وأقصد به مرحلة ما بعد الاحتلال الامبريالي-، انحسار حرية الفقهاء بشكل ملحوظ بلغت في بعض الأحيان حد الانسحاب الكامل من معترك الفكر والفقه والدعوة ومساجلات العقيدة، حيث فرضت على آرائهم، وخطبهم، ودروسهم، واجتهاداتهم، وأعمالهم بصفة عامة، قيود كثيرة، مما أثر سلبا على دورهم في المجتمعات، فمن يا ترى يتحمل مسؤولية هذا الانحسار والتراجع إلى الوراء؟ وجوابا عن هذا السؤال نرى أن العوامل المؤثرة على حرية الفقهاء متعددة وكثيرة منها ما هو سياسي، واجتماعي، وإعلامي وحتى ذاتي، فنجد أن أبرز العوامل التي أدت إلى تقييد حرية الفقهاء هو التدخل السياسي، فقد سعت العديد من الجهات في الدول الإسلامية إلى السيطرة على المؤسسات الدينية والفقهاء، لمعرفتهم بقوة خطابهم، وتأثيرهم الكبير على جمهور المسلمين، حيث شاع تكميم الأفمام والتحجير على واسع سلطتهم التقديرية في إدارة الأزمات السلوكية التي مافتئ مجتمعنا الإسلامي يجود بنقيصتها على بدء متكرر وخير ما نسوقه في دائرة التمثيل ما سار يقوم به وزير الأوقاف “أحمد توفيق”، من سياسة توقيفات لا أمل في عودة أصحابها إلى منابرهم. دور مشبوه ومن ناحية أخرى الدور المشبوه الذي تلعبه وسائل الإعلام لتشكيل الرأي العام في العالم الإسلامي، ووضع صورة نمطية للعلماء والفقهاء، لتشويه سمعة كل من يتبنى آراء مستقلة، ويخالف نهجهم العلماني، ويخالفون كل الأبجديات التي يصدعون بها رؤوسنا من حوار وحرية تعبير، لأن الإعلام يجب أن يكون منصة لدعم الحوار والنقاش المفتوح بين الجميع، بما فيهم الفقهاء والعلماء، لكن الأمر المفضوح هو ما نشاهده من تحول هذه الوسائل الإعلامية إلى أداة ضغط وتشهير على الفقهاء والعلماء، وأداة تمكين ومنبر مفتوح لكل العلمانيين لطرح آرائهم التخريبية المتطرفة. ولعل الناظر للدور المدخون للإعلام المحلي لا يقف على حجم التطفيف الذي ما فتئ يتعاطى به في نظره إلى الفصيل الإسلامي وما يصدره من أحكام جاهزة في حقه، وما يرميه به من تهم معلبة وشواهد زور ربما فاق وتجاوز فيها الإعلام الإقليمي، فلقد سار هم القائمين على إعلامنا المرئي والمكتوب هو الضغط على هيئة العلماء والدفع بها إلى الوراء حيث الانسحاب الكامل والغياب التام والتواري إلى الخلف فلا يكاد يسمع لها رأي ولا توجيه ولا تحظى بفرصة المشاركة ومن ثم التأثير في كل القضايا الحساسة للأمة، اللهم خطابات باردة لا حرارة فيها ولا روح، تنظم على سبيل المثال علاقة المسلم بجاره، وتدفع به إلى النهل من مستنقع الذل والهوان الذي يجعل المسلم يدير حنكه الأيمن في استسلام ورضا وقناعة، يتلقى مردوف الصفعة الثانية على خذه الأيسر في دائرة الابتلاء وسطوة مفاهيم التسامح التي غزت فكرنا وعقيدتنا ومناهجنا وأتم من وليمتها أمدا طويلا حد التخمة والشبع الهالك. التطرف الديني كما يمكن الإشارة في المقام نفسه  إلى عامل التطرف الديني، ودور الجماعات المتشددة، في القيام بفعل العنف وسلوك الترهيب تجاه العلماء والفقهاء الربانيين، ذلك أن هذه الجماعات لم تعد تتردد في الإجهاز على الأصوات المعتدلة ونسف الأفكار المخالفة لمنهج التطرف وقتل أصحابها، وما مقتل الشيخ الداعية “نادر العمراني” الليبي عنا ببعيد، فهذه الجماعات لا تتردد في استخدام العنف والترهيب لإسكات الأصوات الفقهاء التي تعتبرها تهديدًا لأيديولوجيتها. إن حرية الفقهاء في العصر الحديث تواجهها تحديات كبيرة، ومتربصون كثر، صاروا يتحملون جزءا من المسؤولية في انحسار هذه الحرية، فالأمر إذا بات يتطلب تضافر الجهود وتعاضد السواعد والأقلام والأفمام للتغلب على هذه الحيدة الشاذة في مجتمعنا الإسلامي، في أفق تعزيز استقلالية الفقهاء، ودعمهم في تقديم اجتهاداتهم بحرية لتحقيق توازن بين الأحكام الشرعية الإسلامية ومتطلبات العصر الحديث بنوازله ومستجداته. فبدعم حرية الفقهاء والعلماء يمكن للأمة تحقيق تقدم حقيقي في الفكر الإسلامي وتعزيز دوره في معالجة قضايا العصر الحديث. قرأ أيضا: قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟ السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية حكم غير متوقع في حق مستشار وزير العدل السابق المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟ تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)

حرية الفقهاء في العصر الحديث: من يتحمل مسؤولية انحسارها؟ Read Post »