إبانة24: متابعة
سياسة المهرجانات التأثير والتوظيف
إن الملاحظ للشأن العام الوطني تتسارع إلى ذهنه العديد من الأسئلة تثيرها السياسة التي تقف وراء تنظيم المهرجانات في المغرب،
خاصة فيما يتعلق بالجوانب الأخلاقية والقيمية، والهوياتية، بالدرجة الأولى، ثم تتبعها الناحية المادية والنوعية،
والكمية، لهذه المهرجانات، التي أصبح عددها لا يعد بالعشرات بل بالمئات، وميزانيتها ليست بالملايين بل الملايير.
كما يلاحظ الانتشار السريع والعشوائي لهذه المهرجانات، والتي تركز بشكل كبير على الرقص والموسيقى،
ويليها المسرح والسينما، ثم التراث الفني في المرتبة الأخيرة، وذلك في مجموعة من المدن الكبرى والصغرى،
وهناك مدن تشهد أكثر من مهرجان في السنة الواحدة، بل امتدت حمى المهرجانات إلى بعض القرى والمداشر.
فهذا التكاثر الفطري السريع يجعلنا نتساءل هل تهدف هذه السياسة فعلاً إلى تقديم ترفيه منظم يشبع الحاجات الفنية للمتلقي المغربي؟،
أم أنها سياسة للإلهاء والتسطيح والتبليد والتمييع الفكري والاجتماعي؟، وهي أمور أصبح المواطن المغربي يعيها،
ويدرك مغزاها، وكذا الهدر والنزيف الكبير للمال العام الذي تتسبب فيه.
كما تطرح هذه المهرجانات اليوم، وفي ظل الأزمة الاقتصادية، والتضامنية مع قضايا الأمة، أكثر من أي وقت مضى،
أسئلة حول ترشيدها من الناحيتين الكمية والنوعية، وكذلك ما يتعلق بتبديد المال العام وإهداره فيها،
كما تثير تساؤلات حول أولويات الشعب المغربي واحتياجاته الضرورية، وأيضًا من الناحية الأخلاقية والقيمية والثقافية،
بالإضافة إلى السياسة المتحكمة فيها ومدى خدمتها للصالح العام، أم أنها تخدم زمرة محدودة من السياسيين والرأسماليين،
الذين لا هم لهم سوى الربح ولا يفكرون في التبعات الاجتماعية على بنية المجتمع المغربي.
مهرجانات متنوعة والكثيرة
ومع اختلاف المهرجانات المتنوعة والكثيرة التي تؤثث الساحات العمومية في المغرب، في أيام، وأماكن مختلفة،
وببرامج مختلفة، لكنها قد تتفق في جوهرها، هذا الجوهر الذي تغلب عليه العبثية،
والميوعة التي فاقت كل الحدود، حدود لم تكن تعرفها الساحة الثقافية المغربية في السنوات الماضية.
فمن سمات هذه المهرجانات البارزة الجمع بين الشباب، والكثير منهم ليس بينه وبين السياسة والثقافة، إلا الخير والإحسان، فلا يجتمع هؤلاء إلا من أجل التسلية، واللهو، والتعبير عن مشاعرهم المضطربة، في غياب لأي وازع ديني أو قيمي، مشاعر يغذيها تغول اللذة، والشهوانية، والجنسانية، التي تسوق قطعان الشباب نحو هاوية الرذيلة، والأخلاق السيئة، التي لا مكان فيها للمبادئ والقيم والثوابت، ويوقد جذوتها الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والثقافي، الذي تمر منه البلاد.
وتوظف أيادي خفية ظاهرة المهرجانات في العالم العربي والإسلامي عموما، وفي المغرب بشكل خاص، على تقويض منظومة الأخلاق والقيم الإسلامية والهوية، مستغلين في ذلك غرائز الشباب بشكل سلبي يتعارض مع كل ما يدعو إلى الفضيلة والأخلاق النبيلة، وذلك بهدف ترسيخ ثقافة الرذيلة والإباحية والمجون، هذه القوى تبدو كشيطان متغلغل في أجساد الشباب، الذين يتصرفون كبركان ثائر يقذف بحممه بأشكال وألوان متعددة في كل مكان، فتارة يكون ذلك عبر الرقص والتمايل بشكل متهور، يرهق أجسادهم التي أنهكتها المخدرات والكحول، وبالكلام الفاحش، وتارة أخرى عبر البحث عن اللذة والمتعة منحطة التي تتجاوز كل القوانين، قبل مخالفتها للشرعية، وقد يكون هذا تفسيرا لتنامي بعض السلوكيات اللاأخلاقية بين الجمهور الحاضر لبعض عروض المهرجانات، حيث تكون الأجواء مختلطة وفوضوية، وتتحول إلى أماكن للعب واللهو وشرب الخمر وتعاطي المخدرات.
وما معنى دعم وإنعاش مهرجان مثل “البولفار” و”موازين”، الذي يعكس سياسية التمادي والإصرار على إفساد الحياة الاجتماعية، هوياتيا، وأخلاقيا، وثقافيا و…، وما تشهده مدن أخرى كأصيلة وطنجة وأكادير والصويرة ومراكش، فهذه المهرجانات تفسد أكثر مما تصلح.
اقرأ أيضا:
قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا
اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات
المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟
السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس
دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية
المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟
تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق
محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)