إبانة24: متابعة
مقاومة في وجه التحديات: كيف نجحت حماس وحزب الله في استباق المخططات الصهيونية؟
أتمنى أن تكون التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين، في شمالها وجنوبها، على مدار العام الماضي،
كفيلة بإقناع البعض بضرورة خيار المقاومة، مع الاستعداد لتحمل التكاليف الناتجة عن ذلك،
فهل يدرك هؤلاء اليوم أن قرار الخروج في 7 من أكتوبر 2023 قد لا يكون مجرد خطأ في التقدير،
بل هو تعبير عن استجابة حقيقية للتحديات التي نواجهها، وليس محض تهور أو خداع إيراني؟
حتى لو فرضنا، بشكل مؤقت، أن القيادة العسكرية لحماس قد ارتكبت أخطاءً جسيمة كما يدعي البعض، فكيف يمكن لحزب الله،
الذي كانت لديه الفرصة الكافية لتفادي الأخطاء نفسها، أن يفشل في التعرف على المخاطر التي حذر منها بعض المحللي المقاهي في أوساطنا؟
يعتبر المحور الشيعي، بدعمه الإيراني، من القوى الرائدة في المنطقة في مجال المناورة والتخطيط الاستباقي،
وتقليل الخسائر، لقد بذل حزب الله جهوداً كبيرة خلال العام الماضي في مجالي التكتيك الحربي والسياسي،
مكرساً جهوده لحماية اللبنانيين من المخاطر الصهيونية. لو كان الأمر يتعلق بالصمت أو التراجع لتفادي العدوان، لما تردد الحزب في اتخاذ هذا الموقف.
ما نشهده اليوم في لبنان يوضح أن كيان الاحتلال كانت مصممة على استهداف معاقل المقاومة،
سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، ومحاولة القضاء على حواضنها الاجتماعية وتهجير من تبقى منها.
لقد كانت التحركات العسكرية للمقاومة الفلسطينية في غزة، ومن بعدها المقاومة اللبنانية،
بمثابة استجابة استباقية تهدف إلى حماية القضية الفلسطينية من التصفية، ومن مخطط صهيوني كان على وشك التنفيذ كما صرح أبو عبيد في آخر خرجاته الإعلامية،
وإفشال الصفقات الدولية والإقليمية التي كانت على وشك التحقق.
الحرب الحالية بين الصهاينة وحزب الله ترتبط بشكل وثيق بعملية “طوفان الأقصى”،
حيث كانت دولة الكيان تستعد لمواجهة متعددة الجبهات مع قوى المقاومة المختلفة، وقد نجحت حماس وحزب الله في التصدي لمخططات تقويض وجودهما، خاصة في ظل التطورات المتعلقة بالتطبيع بين الدول العربية والصهاينة.
عملية التطبيع.. اتفاقات أبراهام
إن عملية التطبيع، المرتبطة بما يعرف باتفاقات أبراهام، تمثل تهديداً استراتيجياً لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، حيث تعزلها دولياً وتضعف الشبكات الداعمة لها، حيث كانت حماس تواجه ضغوطاً متزايدة من بعض الدول العربية التي كانت تميل نحو تعزيز العلاقات مع الصهاينة، لكن عملية “طوفان الأقصى” أثبتت أن حماس قررت التصعيد العسكري كخطوة استباقية لخلط الأوراق وإفساد الخطط الجديدة التي قد تؤثر سلباً على موقف المقاومة الفلسطينية.
على الجبهة اللبنانية، كان حزب الله يدرك أن التحالفات المتزايدة للصهاينة قد تؤدي إلى تقويض نفوذه، لذا كان من الضروري التحرك لضمان الردع العسكري، ورغم الخسائر التي تكبدتها حماس في غزة وحزب الله في لبنان، إلا أن كلا الحركتين حققتا بعض المكاسب، مثل إحراج عملية التطبيع وكبح جماح بعض الدول العربية التي كانت تخطط لتوسيع علاقاتها مع الصهاينة، حيث ظهرت المقاومة كعنصر مؤثر في المعادلة الإقليمية.
تظهر أحداث العام الماضي أن القضية الفلسطينية لا تزال مركزية بالنسبة للرأي العام العربي، وأن المقاومة رمز للصمود، مما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي ضد التطبيع، كما عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، مع استعادة الزخم الدولي لها، مما جعل مسار التطبيع يبدو في تناقض مع الواقع على الأرض.
حزب الله
أما حزب الله، فقد عزز من قدرته على الردع، مظهراً استعداده للدفاع عن مصالحه في لبنان، مما قد يعزز موقفه على الساحة الداخلية، خاصة بعد تأكيده على حرصه على حماية دماء اللبنانيين.
مع ذلك، يجب الاعتراف بأن المقاومة في غزة ولبنان واجهت خسائر كبيرة نتيجة الرد الصهيوني العنيف، وتبقى قدرة حماس وحزب الله على الاستمرار في هذه المواجهات العسكرية المباشرة مع الصهاينة محدودة، نظراً للفجوة الكبيرة في القدرات العسكرية، مما يجعل الحفاظ على أي انتصارات ميدانية أمراً صعباً.
لفهم الموقف الشعبي المتعاطف مع اختيارات القيادات، سواء في حماس أو حزب الله، يجب أن ندرك أن دولة الكيان تعتزم إشعال حرب شاملة، حيث كانت تخطط لعملية واسعة لتصفية المقاومة، لكن الهجوم المفاجئ فرض عليها إعادة تقييم أولوياتها العسكرية.
في النهاية، يمكن القول إن حماس وحزب الله قد نجحا في استباق المخططات الصهيونية الهادفة إلى تقويض نفوذهما، لكن هذا النجاح يواجه تحديات جسيمة، خاصةً في ظل التغيرات الجيوسياسية والإقليمية، فضلاً عن عجز النظام الإقليمي العربي عن وقف مسار لا مبرر له، ويبقى السؤال المطروح: من سيكون التالي؟