إبانة24: متابعة
ندوة تكشف النوايا الخفية لحزب وهبي لتكميم حرية التعبير في المغرب
وسط زحمة الأحداث المتسارعة وضجيج الضوضاء الذي يعكر صفو الرؤية ويغمر الواقع بالغبار، و”الخز” -الطحالب- الطافي فوق ماء الأحداث،
عقدت يوم الجمعة، 20 شتنبر 2024، ندوة هامة ذات طابع خاص من حيث الموضوع والمشاركين، هذه الورشة التي
ناقشت “حرية التعبير في الفضاء الرقمي” كانت جزءاً من أشغال الجامعة الصيفية التي نظمها حزب الأصالة والمعاصرة.
ما يميز هذه الورشة هو الحزب المنظم، الذي يحتل المرتبة الثانية في التحالف الحكومي الحالي، والمعروف بقربه من دوائر القرار العليا في الدولة،
هذا الحزب يشرف على حقائب وزارية هامة مثل العدل، والتواصل، والشباب، وكان المتحدثان الرئيسيان في الورشة القاضي الدستوري
السابق والأستاذ الجامعي ندير المومني، إلى جانب أحمد اخشيشن، المدير العام السابق للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
التقارير الصادرة عن هذه الورشة أثارت قلقاً واسعاً لدى متابعي حالة حرية التعبير في المغرب، حيث أشارت العناوين والاقتباسات
إلى توجهات قد تنم عن محاولات لتقييد قنوات التواصل الحديثة، تحت مبرر الحفاظ على المصلحة العامة، وكأن حرية التعبير نفسها تشكل تهديداً وليس إساءة استخدامها.
أحمد اخشيشن، الذي يحمل خلفية أكاديمية في الصحافة، شدد على أن الفضاء الرقمي يمتاز بخصائص فريدة تجعله مفتوحاً
على مدار الساعة بلا حدود فاصلة بين المنتج والمستهلك، كما أشار إلى أن هذه الطبيعة الفريدة تشكل تحديات للمؤسسات الإعلامية والتعليمية،
حيث تمس بأدوارها التقليدية في التنشئة الاجتماعية.
وفي رده على سؤال حول إمكانية توسيع صلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لتشمل الفضاء الرقمي،
أوضح اخشيشن أن هذه الهيئة تمتلك أدوات تحكم فعالة في البث الإذاعي والتلفزيوني من خلال الترددات، لكنها لا تمتلك القدرة على ضبط النشر عبر الإنترنت.
الحرية المطلقة
من جانبه، دعا ندير المومني إلى حوار شامل وديمقراطي حول كيفية تحقيق توازن بين حرية التعبير وحماية حقوق الآخرين، مقترحاً أن الحرية المطلقة في الفضاء الرقمي أمر غير واقعي نظراً للمخاطر التي قد تهدد أمن الدول والأفراد.
وبلا إصدار لأحكام مسبقة جاهزة، فإن الحديث عن تنظيم هذه الحرية يتزامن مع توجهات في التشريعات المقترحة، مثل مشروع القانون الجنائي الذي قدمه وزير العدل من الحزب نفسه، مما يعزز المخاوف من محاولات لتقييد حرية التعبير.
ليس جديداً القول إن الدولة تسعى منذ زمن طويل لإيجاد وسائل للحد من التعبيرات الرقمية، قبل أقل من عشر سنوات، تم طرح مشروع “المدونة الرقمية”، وقبل ذلك مشروع قانون تكميم الأفواه الذي واجه رفضاً واسعاً.
إذاً، يبدو أن هناك نية مستمرة لتضييق الحريات الرقمية، التحديات التي تحدث عنها اخشيشن والمومني هي مسائل تعرفها جميع المجتمعات، ولكن الاختلاف يكمن في كيفية تعامل الدول معها. بعض الدول توفر ضمانات لحماية الحريات، في حين أن دولاً أخرى تسعى للبحث عن ذريعة لتقييدها.
أخيراً، يجب أن نضع تساؤلات حول ما قدمته السياسات العامة في المغرب لتعزيز المؤسسات التعليمية والإعلامية في مواجهة هذه التحديات، هل أضفنا شيئاً إلى المناهج التعليمية؟ هل ساهم الإعلام العمومي في توجيه استخدام الفضاء الرقمي بشكل آمن ومسؤول؟ للأسف، يبدو أن الجواب هو لا.