إبانة24: متابعة
هل من حلول لمشكلة الماء بالمغرب؟
1-تفاقم مشكلة الماء بالمغرب مع توالي سنوات الجفاف
يفرض توالي سنوات الجفاف على المغرب تفكيرا جادا في المسألة المائية، خاصة وأن هذا العام سيعتبر العام السادس
على التوالي من حيث ندرة التساقطات المطرية إذا ما استمر الحال على ما هو عليه،
بالإضافة إلى أن التقارير اعتبرت العام الماضي أسوأ عام على البلاد منذ 40 سنة.
ويستهلك المغرب مياهه من مصدرين: مياه سطحية في قدر متوسط يبلغ 18 مليار متر مكعب،
ومياه جوفية تشكل نسبة 20 في المئة من المياه المستعملة. إلا أن هذه المصادر مهددة
بالتراجع بفعل العجز الذي تعرفه التساقطات بالمغرب، خاصة بين عامي 2018 و2022.
وهذا ما لوحظ في السنوات الأخيرة، إذ سجل العجز المائي نسبة 85 في المئة على وجه التقريب،
وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بالنسبة المسجلة في السنوات الماضية،
الأمر الذي يقتضي تدخلت عاجلا ووضع سياسات ناجعة تتصدى لظاهرة الجفاف وتبحث عن حلول فورية واستراتيجية لتبعاتها.
2-سياسة السدود وآفاق التطوير
من الخطط التي اعتمدها المغرب لمواجهة آثار الجفاف والتغليف على مشكلة المياه،
نجد تشييد السدود وتطوير قدراتها، حرصا على مصالح الأفراد وأصحاب المشاريع الزراعية.
وبلغ عدد السدود التي أنشأها المغرب 149 سدّا تخزن كميات مهمة من المياه،
وقد ساهمت إلى حد كبير في تجاوز العديد من الصعاب المرتبطة بمشكلة المياه، خاصة في سنوات الجفاف الأخيرة.
غير أن استمرار الجفاف ومعه استمرار الطلب من شأنه أن يؤدي إلى نوع من الحاجة،
وقد أدى إلى ذلك فعلا، ما حمل الدولة على “برمجة سدود جديدة” ابتداء من سنة 2022.
وقد جاء في بيان صادر عن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس أعطى “تعليماته للحكومة لتفعيل
الإجراءات العاجلة لبرنامج مكافحة آثار الجفاف”، كما “تم تخصيص اعتمادات إضافية لرفع إجمالي ميزانية البرنامج الوطني إلى 143 مليار درهم (14.3 مليار دولار)”.
بالإضافة إلى “برمجة سدود جديدة، ومعاينة تكاليف حوالي 20 سدا يتوقع إنجازها،
والتي ستتمكن من رفع قدرة التخزين إلى 6.6 مليارات متر مكعب من المياه العذبة”، حسب بلاغ الديوان الملكي
3-تحلية مياه البحر.. مشروع للمستقبل
يعتمد المغرب أيضا تحلية مياه البحر كمشروع بديل لتجاوز مشكلة المياه، خاصة وأن المغرب يتوفر على واجهتين بحريتين،
المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي يطرح إمكانية استثمارها في نفس الاتجاه،
كمصدر من مصادر المياه، كما هي مصدر للطاقة والثورة السمكية.
ويستهدف المغرب من خلال هذا المشروع تحلية حوالي 1.4 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2027،
عبر محطات تم ويتم تشييدها في عدد من المدن المغربية، والتي لبعضها قدرة إنتاجية تصل لآلاف الأمتار المكعبة يوميا.
وأكد وزير التجهيز والماء نزار بركة، في مداخلة له بالبرلمان، “إنجاز عدة محطات لتحلية المياه
في عدد من المناطق بينها سيدي إفني والداخلة، وأكادير التي ستكون جاهزة سنة 2026،
إضافة إلى إنشاء محطات أخرى على طول السواحل المغربية”.
وأفاد بركة بـ”وجود 42 محطة متنقلة لتحلية المياه، واقتناء 20 محطة جديدة،
و3 محطات كبرى لتحلية المياه والتي ستمكن من تحلية 100 لتر في الثانية والتي ستحدث في مناطق تغازوت،
زيادة على محطات المياه الاجاجة في قلعة السراغنة وزاكورة وتازة وسيدي قاسم والخميسات،
وسطات، وبرشيد، وبوجدور، وخنيفرة، وتنغير، وطانطان، وقاسيطة إقليم الدريوش”.
4-تلقيح السحب وضعف النجاعة
ويستعمل المغرب بالإضافة إلى المشاريع المذكورة مشروعا “للاستمطار الاصطناعي” منذ ثمانينات القرن الماضي،
رغم ضعف تأثير هذه التقنية وانحسار مردوديتها (زيادة ب4 في المئة على الأكثر)، ورغم ما يعتري تقييم قدرتها من صعوبة.
وتتبع عملية التلقيح، حسب مديرية الأرصاد الجوية، خطوتين أساسيتين: مراقبة حالة الطقس،
قبل تحديد وقت (إذا تعلق الأمر بالمولدات الأرضية) أو موقع (عند استعمال الطائرة) التلقيح.
وتشدد مديرية الأرصاد الجوية على أن “التلقيح يتم بحبيبات ملح كلورور الصوديوم ويودير الفضة،
التي لها خصائص مشابهة للماء والثلج حسب نوعية السحب، إذا كانت باردة أو دافئة”.
و”ليست كل السحب قابلة للتلقيح، بل لا بد من توفر مجموعة من الخصائص الميكرو – فيزيائية والجوية للقيام بهذه العمليات”، حسب ذات المصدر.
5-ترشيد استعمال المياه.. الداخلية تستنفر الولاة والعمال
يتطلب طارئ الجفاف وتوالي سنواته تبني سياسة ترشيد الاستهلاك بنوع من الصرامة
حتى يصبح الاقتصاد في استهلاك المياه سلوكا فرديا وجماعيا، في المنازل والشوارع والمجلات التجارية والمقاهي والحمامات والفنادق إلخ.
وعلى هذا الأساس دخلت وزارة الداخلية على الخط من خلال دورية كان وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت
قد راسل بها الولاة والعمال، في دجنبر الماضي (2023) بمختلف جهات وأقاليم المغرب.
وبناء على هذه الدورية عقد الولاة والعمال اجتماعات مع رجال السلطة وممثلي الساكنة من أجل تفعيل إجراءاتها الاستعجالية.
فاتخذت بعض العمالات، على إثر ذلك، تدابير من قبيل “تقييد صبيب المياه بالأحياء السكنية،
وتقليص أيام العمل للحمامات ومحلات غسل السيارات، ومنع زراعة البطيخ”.
6-الملك يترأس جلسة عمل مخصصة لإشكالية الماء
“ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لإشكالية الماء”،
وذلك بتاريخ 16 يناير 2024، حسب ما أفاده بلاغ الديوان الملكي.
وأكد الديوان الملكي أن “هذا الاجتماع يندرج في إطار التتبع المستمر والعناية السامية التي يوليها جلالة الملك،
حفظه الله، لهذه المسألة الاستراتيجية، ولاسيما في السياق الحالي الذي يعرف تسجيل عجز ملحوظ على مستوى التساقطات
وضغط قوي جدا على الموارد المائية في مختلف جهات المملكة”.
و”في مستهل جلسة العمل هاته، قدم وزير التجهيز والماء السيد نزار بركة، عرضا حول الوضعية المائية،
والتي عرفت خلال الفترة من شتنبر إلى منتصف يناير 2024، تسجيل عجز في التساقطات بلغت نسبته 70 بالمائة
مقارنة مع المعدل، فيما بلغت نسبة ملء السدود 23.2 بالمائة مقابل 31.5 بالمائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية”، حسب ذات المصدر.
وزاد البلاغ: “وقد مكنت الإجراءات المتخذة تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية،
لا سيما في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، من تزويد العديد من الأقاليم
والجهات بمياه الشرب بشكل كاف في السنوات الأخيرة. ويتعلق الأمر، على وجه الخصوص،
بإنجاز الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق وتشغيل محطتي تحلية المياه بأكادير وآسفي/الجرف الأصفر”.
مخطط العمل الاستعجالي
وأورد بلاغ الديوان الملكي أنه “بعد ذلك قدم الوزير، بين يدي صاحب الجلالة، مخطط العمل الاستعجالي،
الذي تم إعداده من طرف القطاعات المختصة لمواجهة الوضعية الحالية، وضمان توفير المياه الصالحة للشرب،
لا سيما في المدن والمراكز والقرى التي تعرف عجزا أو من المحتمل أن تعرفه”.
وتابع المصدر ذاته أنه “سيتم تنزيل مخطط العمل الاستعجالي، الذي تم تقديمه أمام جلالة الملك،
على مستوى مختلف الأنظمة المائية بالمملكة، ويشمل مجموعة من الإجراءات على المدى القصير،
منها التعبئة المثلى للموارد على مستوى السدود والآبار ومحطات التحلية الموجودة
وإقامة تجهيزات استعجالية لنقل الماء والتزويد به، وكذا اتخاذ إجراءات لتقييد استعمال مياه الري وتقليص صبيب التوزيع كلما اقتضت الوضعية ذلك”.
وأكد البلاغ: “وبالموازاة، وطبقا للتوجيهات الملكية السامية ، سيتم تسريع وتيرة إنجاز الأوراش المبرمجة
التي لها وقع على المدى المتوسط، وخصوصا السدود في طور التشييد ومشاريع الربط بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع،
والبرنامج الوطني لمحطات تحلية مياه البحر، وبرنامج إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة،
وبرنامج اقتصاد الماء على مستوى شبكة نقل وتوزيع الماء الصالح للشرب ومياه الري”.
و”حث جلالة الملك، نصره الله، القطاعات والهيئات المعنية على مضاعفة اليقظة والجهود لرفع
تحدي الأمن المائي وضمان التزويد بالماء الشروب على مستوى جميع مناطق المملكة”.
و”بهذا الخصوص، دعا جلالة الملك الحكومة إلى اعتماد تواصل شفاف ومنتظم تجاه المواطنين حول تطورات الوضعية المائية
والتدابير الاستعجالية التي سيتم تفعيلها، مع تعزيز توعية العموم بأهمية الاقتصاد
في استهلاك الماء ومحاربة جميع أشكال تبذير هذه المادة الحيوية واستخداماتها غير المسؤولة”، يؤكد ذات المصدر.
و”حضر جلسة العمل هاته مستشار صاحب الجلالة السيد فؤاد عالي الهمة، ووزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت،
ووزير التجهيز والماء السيد نزار بركة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات،
السيد محمد صديقي، والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية السيد فوزي لقجع،
والمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب السيد عبد الرحيم الحافظي”، بحسب بلاغ الديوان الملكي.
7-قول الفقيه.. “وجعلنا من الماء كل شيء حي”
يقل د. علي الصلابي: “ومن حكمته سبحانه في خلق الماء أن منه ما يجري على وجه الأرض كالأنهار، ومنه ما هو مستقر فوق ظهرها كالبحار، ومنه ما يستقر في باطن الأرض كمياه الآبار، ومن رحمته سبحانه أن جعل فيه العذب والمالح الأجاج، وجعل العذب -وهو مياه الأنهار- يجري حتى لا يتعفن كذلك، ولا يتعفن ما يموت فيه من الحيوانات البرية، وجعل الماء المخزن في الأرض قريبا يمكن تناوله والوصول إليه، كما قال سبحانه: “وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ” (المؤمنون: 18)”. (د. علي الصلابي، مقال بعنوان “المعجزة الإلهية في خلق الماء وكيفية الاستعمال القرآني لها”).
ولما كان التدبير الإلهي بهذا الشكل، كان التدبير البشري فرعا عنه، يسترشد في استهلاك المياه واستعماله بأمر الله. ف”الآيات القرآنية كثيرة في بيان الحديث عن الماء وأهميته ومواضيعه، فكم هو ثمين هذا الماء؟ وكم من نعم لا نشعر بأهميتها إلا بعد ضياعها؟ وصدق رب العزة حيث قال “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” (الأنبياء: 30). ولولا الله ثم الماء الذي خلقه سبحانه وتعالى ما كان الإنبات ولا النبات ولا الحياة”. (نفسه)
إن نعمة بهذا القدر يجب الحفاظ عليها، وقد أولت المذاهب الفقهية عناية خاصة لتدبير الماء واستعماله، في كبريات المشاريع وفي أبسط المسالك. فكما عالج الفقه مياه الوضوء في باب خاص، تطرق لاستعمالات أخرى في حياة الناس. ومنطق الفقه في ذلك أن “يؤدي الماء غرضه من غير إسراف أو تبذير”.
اقرأ أيضا:
قرار تاريخي و غير مسبوق من الفيفا
اللهم صيبا نافعا.. تساقطات رعدية بهذه الجهات
المدونة من يمعن في إقصاء العلماء من النقاش العمومي؟
السلطان عبد الحميد وأطماع الصهاينة في القدس
دور الحركة الصهيونية في سقوط الخلافة العثمانية
المدرسة المغربية ومسلسل الإصلاح.. متى ينتهي الارتباك؟
تسريبات تعديل المدونة ومطالب بفتح تحقيق
محلل المغربي بنيج على”بي إن سبورتس” ينفعل على المباشر بسبب مخرج نهائي الكونفدرالية (فيديو)